تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٥
فزالت الشمس ثم اغتسل ثم خرج حتى اتى المسجد الذي عند الشجرة فصلى فيه الظهر وعزم بالحج مفردا وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول، فصف الناس له سماطين فلبى بالحج مفردا وساق الهدي ستا وستين أو أربعا وستين، حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجة فطاف بالبيت سبعة أشواط وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام ثم عاد إلى الحجر فاستلمه وقد كان استلمه في أول طوافه، ثم قال: ان الصفا والمروة من شعائر الله فابدؤا بما بدأ الله به، وان المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شئ صنعه المشركون، فأنزل الله تعالى (ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما) ثم اتى الصفا فصعد عليه فاستقبل الركن اليماني فحمد الله وأثنى عليه ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسلا، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا حتى فرغ من سعيه، ثم اتاه جبرئيل عليه السلام وهو على المروة فأمره ان يأمر الناس ان يحلوا إلا سائق الهدي فقال رجل: انحل ولم نفرغ من مناسكنا؟ فقال: نعم قال: فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وآله بالمروة بعد فراغه من السعي اقبل على الناس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (ان هذا جبرئيل عليه السلام وأومئ بيده إلى خلفه يأمرني ان آمر من لم يسق هديا ان يحل ولو استقبلت من أمري مثل ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ولكني سقت الهدي، ولا ينبغي لسائق الهدي ان يحل حتى يبلغ الهدي محله قال:
قال له رجل من القوم: لنخرجن حجاجا وشعورنا تقطر! فقال له: رسول الله صلى الله عليه وآله اما انك لن تؤمن بعدها ابدا، فقال له: سراقة بن مالك بن جعشم الكناني يا رسول الله علمنا ديننا كأنما خلقنا اليوم فهذا الذي امرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بل هو للأبد إلى يوم القيامة، ثم شبك أصابعه بعضها إلى بعض، وقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وقدم علي عليه السلام
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست