مسألة أخرى يقال لهم: إذا كان الخبر المتواتر حجة رواه العترة والأمة، و كان الخبر الواحد من العترة كخبر الواحد من الأمة يجوز على الواحد منهم من تعمد الباطل ومن السهو والزلل ما يجوز على الواحد من الأمة وما ليس في الخبر المتواتر ولا خبر الواحد فسبيله عندكم الاستخراج، وكان يجوز على المتأول منكم ما يجوز على المتأول من الأمة فمن أي وجه صارت العترة حجة؟ فإن قال صاحب الكتاب: إذا أجمعوا فإجماعهم حجة، قيل له: فإذا أجمعت الأمة فإجماعها حجة، وهذا يوجب أنه لا فرق بين العترة والأمة وإن كان هكذا فليس في قوله " خلفت فيكم كتاب الله و عترتي " فائدة إلا أن يكون فيها من هو حجة في الدين، وهذا قول الإمامية.
واعلموا - أسعدكم الله - إن صاحب الكتاب أشغل نفسه بعد ذلك بقراءة القرآن وتأويله على من أحب ولم يقل في شئ من ذلك: " الدليل على صحة تأويلي كيت كيت " وهذا شئ لا يعجز عنه الصبيان وإنما أراد أن يعيب الامامية بأنها لا ترى الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد غلط فإنها ترى ذلك على قدر الطاقة، و لا ترى أن تلقي بأيديها إلى التهلكة، ولا أن يخرج مع من لا يعرف الكتاب والسنة ولا يحسن أن يسير في الرعية بسيرة العدل والحق.
وأعجب من هذا أن أصحابنا من الزيدية في منازلهم لا يأمرون بمعروف و لا ينهون عن منكر ولا يجاهدون، وهم يعيبوننا بذلك، وهذا نهاية من نهايات التحامل ودليل من أدلة العصبية، نعوذ بالله من اتباع الهوى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
مسألة أخرى ويقال لصاحب الكتاب: هل تعرف في أئمة الحق أفضل من أمير المؤمنين صلوات الله عليه؟ فمن قوله: لا، فيقال له: فهل تعرف من المنكر بعد الشرك والكفر شيئا أقبح وأعظم مما كان من أصحاب السقيفة؟ فمن قوله: لا، فيقال له: فأنت أعلم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد أو أمير المؤمنين عليه السلام؟ فلا بد من أن يقول: أمير المؤمنين، فيقال له: فما باله لم يجاهدا القوم؟ فان اعتذر بشئ قيل له: فاقبل مثل هذا العذر من الامامية، فإن الناس جميعا يعملون أن الباطل اليوم أقوى منه يومئذ وأعوان الشيطان أكثر ولا تهول علينا بالجهاد وذكره، فإن الله تعالى إنما