كمال الدين وتمام النعمة - للشيخ الجليل الأقدم الصدوق - ج ١ - الصفحة ١٥٦
منك، قال: فسمني بها (1) أثمن لك، قال: لا أمتعك بها ولا أسومك دع عنك ذكرها، فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم متفكر في أمره وكانت له امرأة من الأزارقة (2)، وكان بها معجبا يشاورها في الامر إذا نزل به، فلما استقر في مجلسه بعث إليها ليشاورها في أمر صاحب الأرض، فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب فقالت: أيها الملك ما الذي دهاك (3) حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك (4)؟ فأخبرها بخبر الأرض وما كان من قوله لصاحبها ومن قول صاحبها له، فقالت: أيها الملك إنما يهتم به (5) من لا يقدر على التغيير والانتقام، فإن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره وأصير أرضه بيديك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك، قال: وما هي؟ قالت: أبعث إليه أقواما من أصحابي الأزارقة حتى يأتوك به فيشهدوا عليه عندك أنه قد برئ من دينك فيجوز لك قتله وأخذ أرضه، قال:
فافعلي ذلك، قال: وكان لها أصحاب من الأزارقة على دينها يرون قتل الروافض من المؤمنين، فبعثت إلى قوم من الأزارقة (6) فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك أنه قد برئ من دين الملك فشهدوا عليه أنه قد برئ من دين الملك فقتله واستخلص أرضه، فغضب الله تعالى للمؤمن عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له: أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك، فأحوجت عياله من بعده وأجعتهم، أما وعزتي لانتقمن له منك في الاجل ولأسلبنك ملكك في العاجل، ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ولأطعمن الكلاب

(1) السوم طلب الشراء أي بعني. و " أثمن لك " أي أعطيك الثمن.
(2) المراد بهم أهل الروم أو الديلم لان زرقة العيون غالبة فيهم. والأزارقة أيضا هم الذين يبيحون مال من على غير عقيدتهم ويستحلون دمه نظير عقيدة الخوارج في الاسلام، والمراد هنا المعنى الثاني.
(3) دهى فلانا أي أصابه بداهية.
(4) أي قبل إتيانك بما غضبت له.
(5) في بعض النسخ " يغتم ويأسف ".
(6) في بعض النسخ " إلى قوم منهم ".
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست