تعطها، قال: أسألك أن لا تمطر السماء على أهل هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى أسألك ذلك، قال الله عز وجل: يا إدريس إذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون، قال إدريس: وإن خربت وجهدوا وجاعوا، قال الله عز وجل:
فإني قد أعطيتك ما سألت ولن أمطر السماء عليهم حتى تسألني ذلك، وأنا أحق من وفى بوعده.
فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم، وبما أوحى الله إليه ووعده أن لا يمطر السماء عليهم حتى يسأله ذلك. فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى، فخرجوا منها، وعدتهم يومئذ عشرون رجلا، فتفرقوا في القرى، وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل ربه تعالى، وتنحى إدريس إلى كهف في جبل شاهق، فلجأ إليه ووكل الله عز وجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء، وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء، وسلب الله عز وجل عند ذلك ملك الجبار وقتله وأخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن فظهر في المدينة جبار آخر عاص، فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة من مائها عليهم، فجهد القوم اشتدت حالهم وصاروا يمتارون الأطعمة (1) من القرى من بعد، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا: إن الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو، وقد خفي إدريس عنا ولا علم لنا بموضعه، والله أرحم بنا منه فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله ويدعوه و يفزعوا إليه ويسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم، فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤوسهم التراب، وعجوا (2) إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع إليه، فأوحى الله عز وجل إلى إدريس يا إدريس إن أهل قريتك قد عجوا إلي بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع، وأنا الله الرحمن الرحيم أقبل التوبة أعفو