كمال الدين وتمام النعمة - للشيخ الجليل الأقدم الصدوق - ج ١ - الصفحة ١٤٨
يصلح أن يكون إماما للمسلمين والذين غابوا لا حجة لهم علينا، وفي هذا أدل دليل على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي " ليس ما يسبق إلى قلوب الامامية والزيدية. وللنظام (1) وأصحابه أن يقولوا: وجدنا الذي لا يفارق الكتاب هو الخبر القاطع للعذر، فإنه ظاهر كظهور الكتاب ينتفع به، ويمكن اتباعه والتمسك به.
فأما العترة فلسنا نشاهد منهم عالما يمكن أن نقتدي به، وإن بلغنا عن واحد منهم مذهب بلغنا عن آخر أنه يخالفه، الاقتداء بالمختلفين فاسد، فكيف يقول صاحب الكتاب؟.
ثم اعلم أن النبي صلى الله عليه وآله لما أمرنا بالتمسك بالعترة كان بالعقل والتعارف و السيرة ما يدل على أنه أراد علماءهم دون جهالهم، والبررة الأتقياء دون غيرهم، فالذي يجب علينا ويلزمنا أن ننظر إلى من يجتمع له العلم بالدين مع العقل والفضل والحلم والزهد في الدنيا والاستقلال بالامر فنقتدي به ونتمسك بالكتاب وبه.
وإن قال: فان اجتمع ذلك في رجلين وكان أحدهما ممن يذهب إلى مذهب الزيدية والآخر إلى مذهب الإمامية بمن يقتدى منهما ولمن يتبع؟ قلنا له: هذا لا يتفق، فان اتفق فرق بينهما دلالة واضحة إما نص من إمام تقدمه وإما شئ يظهر في علمه كما ظهر في أمير المؤمنين يوم النهر حين قال: " والله ما عبروا النهر ولا يعبروا، والله ما يقتل منكم عشرة ولا ينجوا منهم عشرة " وإما أن يظهر من أحدهما مذهب يدل على أن الاقتداء به لا يجوز كما ظهر من علم الزيدية القول بالاجتهاد والقياس في الفرائض السمعية والاحكام فيعلم بهذا أنهم غير أئمة. ولست أريد بهذا القول زيد ابن علي وأشباهه لان أولئك لم يظهروا ما ينكر ولا ادعوا أنهم أئمة وإنما

(1) هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري ابن أخت أبى هذيل العلاف شيخ المعتزلة. وكان النظام صاحب المعرفة بالكلام أحد رؤساء المعتزلة، أستاذ الجاحظ.
ولقب بالنظام - كشداد - لأنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة ويبيعها. وقالت المعتزلة:
إنما سمى ذلك لحسن كلامه نثرا ونظما (الكنى والألقاب للمحدث القمي).
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست