لي فيما أردت.
فخرجا من عند الملك يعبدان الله جل جلاله ويسيحان في الأرض، فهدى الله عز وجل بهما أناسا كثيرا وبلغ شأن الغلام وارتفع ذكره في الآفاق فذكر والده، وقال: لو بعثت إليه فاستنقذته مما هو فيه، فبعث إليه رسولا فأتاه فقال له:
إن ابنك يقرئك السلام وقص عليه خبره وأمره فأتاه والده وأهله فاستنقذهم مما كانوا فيه ثم إن بلوهر رجع إلى منزله واختلف إلى يوذاسف أياما حتى عرف أنه قد فتح له الباب ودله على سبيل الصواب، ثم تحول من تلك البلاد إلى غيرها وبقي يوذاسف حزينا مغتما فمكث بذلك حتى بلغ وقت خروجه إلى النساك لينادي بالحق ويدعو إليه أرسل الله عز وجل ملكا من الملائكة فلما رأى منه خلوة ظهر له وقام بين يديه، ثم قال له: لك الخير والسلامة أنت إنسان بين البهائم الظالمين الفاسقين من الجهال أتيتك بالتحية من الحق وإله الخلق بعثني إليك لأبشرك وأذكر لك ما غاب عنك من أمور دنياك وآخرتك، فاقبل بشارتي ومشورتي ولا تغفل عن قولي، اخلع عنك الدنيا وانبذ عنك شهواتها وازهد في الملك الزائل، والسلطان الفاني الذي لا يدوم وعاقبته الندم والحسرة، واطلب الملك الذي لا يزول الفرح الذي لا ينقضي والراحة التي لا يتغير وكن صديقا مقسطا، فإنك تكون إمام الناس تدعوهم إلى الجنة.
فلما سمع يوذاسف كلامه خر بين يدي الله عز وجل ساجدا، وقال: إني لأمر الله تعالى مطيع وإلى وصيته منته فمرني بأمرك فإني لك حامد ولمن بعثك إلي شاكر فإنه رحمني ورؤف بي ولم يرفضني بين الأعداء فإني كنت بالذي أتيتني به مهتما، قال الملك: إني أرجع إليك بعد أيام، ثم أخرجك فتهيأ لذلك ولا تغفل عنه، فوطن يوذاسف نفسه على الخروج وجعل همته كله فيه ولم يطلع على ذلك أحدا حتى إذا جاء وقت خروجه أتاه الملك في جوف الليل والناس نيام، فقال