الكرائم مدارج الشرف، واخضعوا لقومكم، ولا تبغوا عليهم لتنالوا المنافس، ولا تخالفوهم فيما اجتمعوا عليه فإن الخلاف يزري بالرئيس المطاع، وليكن معروفكم لغير قومكم من بعدهم، ولا توحشوا أفنيتكم من أهلها فإن إيحاشها إخماد النار و دفع الحقوق، وارفضوا النائم بينكم [تسلموا]، وكونوا أعوانا عند الملمات (1) تغلبوا، واحذروا النجعة (2) إلا في منفعة لا تصابوا، وأكرموا الجار يخصب جنابكم، وآثروا حق الضعيف على أنفسكم، وألزموا مع السفهاء الحلم تقل همومكم، وإياكم والفرقة فإنها ذلة، ولا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتها إلا المضطر فإنكم لن تلاموا عند اتضاح العذر وبكم قوة خير من أن تعاونوا في الاضطرار منكم إليهم بالمعذرة (3)، وجدوا ولا تفرطوا فإن الجد مانع الضيم، ولتكن كلمتكم واحدة تعزوا ويرهف حدكم ولا تبذلوا الوجوه لغير مكرميها فتكلحوها ولا تجشموها أهل الدناءة فتقصروا بها (4) ولا تحاسدوا فتبوروا، واجتنبوا البخل فإنه داء، وابنوا المعالي بالجود والأدب و مصافاة أهل الفضل والحباء (5) وابتاعوا المحبة بالبذل، ووقروا أهل الفضل، وخذوا عن أهل التجارب، ولا يمنعكم من معروف صغره فإن له ثوابا، ولا تحقروا الرجال فتزدروا، فإنما المرء بأصغريه ذكاء قبله ولسان يعبر عنه، وإذا خوفتم داهية فعليكم بالتثبت قبل العجلة، والتمسوا بالتودد المنزلة عند الملوك، فإنهم من وضعوه اتضع، ومن رفعوه ارتفع، وتنبلوا تسم إليكم الابصار، وتواضعوا بالوقار ليحبكم ربكم، ثم قال:
(٥٩٧)