لما سمع برسول الله صلى الله عليه وآله بعث ابنه حليسا (1) فقال: يا بني إني أعظك بكلمات فخذ بهن من حين تخرج من عندي إلي أن ترجع إلي، ائت نصيبك في شهر رجب فلا تستحله فيستحل منك، فان الحرام ليس يحرم نفسه وإنما يحرمه أهله، ولا تمرن بقوم إلا نزلت عند أعزهم وأحدث (2) عقدا مع شريفهم، وإياك والذليل فإنه أذل نفسه ولو أعزها لأعزه قومه فإذا قدمت على هذا الرجل فاني قد عرفته وعرفت نسبه وهو في بيت قريش و أعز العرب وهو أحد رجلين إما ذو نفس أراد ملكا، فخرج للملك بعزه فوقره و شرفه وقم بين يديه ولا تجلس إلا باذنه حيث يأمرك ويشير إليك فإنه إن كان ذلك (3) كان أدفع لشره عنك وأقرب لخيره منك، فإن كان نبيا فإن الله لا يحس فيتوهم ولا ينظر فيتجسم، وإنما يأخذ الخيرة حيث يعلم (4) لا يخطئ فيستعتب إنما أمره على ما يحب وإن كان نبيا فستجد أمره كله صالحا وخبره كله صادقا، وستجده متواضعا في نفسه متذللا لربه، فذل له فلا تحدثن أمرا دوني، فإن الرسول إذا أحدث الامر من عنده خرج من يدي الذي أرسله، واحفظ ما يقول لك إذا ردك إلي فإنك لو توهمت أو نسيت جشمتني (5) رسولا غيرك.
وكتب معه باسمك اللهم من العبد إلى العبد، أما بعد: فأبلغنا ما بلغك فقد أتانا عنك خبر لا ندري ما أصله، فإن كنت أريت فأرنا، وإن كنت علمت فعلمنا و أشركنا في كنزك والسلام.
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فيما ذكروا: " من محمد رسول الله إلى أكثم ابن صيفي: أحمد الله إليك إن الله تعالى أمرني أن أقول: لا إله إلا الله، وآمر الناس بقولها، والخلق خلق الله عز وجل والامر كله لله خلقهم وأماتهم وهو ينشرهم وإليه المصير، أدبتكم بآداب المرسلين ولتسألن عن النبأ العظيم ولتعلمن نبأه بعد حين ".
فلما جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابنه: يا بني ماذا رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، تجمع أكثم بن صيفي إليه بني تميم ثم قال: