ألا إنني عاجلا ذاهب * فلا تحسبوا أنني كاذب لبست شبابي فأفنيته * وأدركني القدر الغالب وخصم دفعت ومولى نفعت * حتى يثوب له ثائب وعاش أرطاة بن دشهبة المزني عشرين ومائة سنة، فكان يكنى أبا الوليد، فقال له عبد الملك بن مروان: ما بقي من شعرك يا أرطاة؟ قال: يا أمير المؤمنين إني لا أشرب ولا أطرب ولا أغضب، ولا يجيئني الشعراء إلا على أحد هذه الخصال على أني أقول:
رأيت المرء تأكله الليالي * كأكل الأرض ساقطة الحديد وما تبقي المنية حين تأتي * على نفس ابن آدم من مزيد وأعلم أنها ستكر حتى * توفى نذرها بأبي الوليد فارتاع عبد الملك (1)، فقال: يا أرطاة. فقال أرطاة: يا أمير المؤمنين إني أكنى أبا الوليد.
وعاش عبيد بن الأبرص (2) ثلاثمائة سنة فقال:
فنيت وأفناني الزمان وأصبحت * لداتي بنو نعش وزهر الفراقد (3) ثم أخذه النعمان بن المنذر يوم بؤسه فقتله.
وعاش شريح بن هانئ عشرين ومائة سنة حتى قتل في زمن الحجاج بن يوسف فقال في كبره وضعفه:
أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا * قد عشت بين المشركين أعصرا ثمت أدركت النبي المنذرا * وبعده صديقه وعمرا