قالوا: ومن أين لنا من الحديد والنحاس ما يسع هذا العمل الذي تريد أن تعمل قال: إني سأدلكم على معدن الحديد والنحاس، فضرب لهم في جبلين حتى فتقهما فاستخرج لهم منهما معدنين من الحديد و النحاس، قالوا: فبأي قوة نقطع الحديد والنحاس؟ فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الأرض يقال لها: السامور وهو أشد بياضا من الثلج (5) وليس شئ منه يوضع على شئ إلا ذاب تحته فصنع لهم منه أداة يعملون بها - وبه قطع سليمان بن داود عليه السلام أساطين بيت المقدس وصخوره جاءت بها الشياطين من تلك المعادن - فجمعوا من ذلك ما اكتفوا به فأوقدوا على الحديد حتى صنعوا منه زبرا مثال الصخور، فجعل حجارته من حديد، ثم أذاب النحاس فجعله كالطين لتلك الحجارة، ثم بنى وقاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال فحفر له أساسا حتى كاد أن يبلغ الماء وجعل عرضه ميلا وجعل حشوه زبر الحديد، وأذاب النحاس فجعله خلال الحديد فجعل طبقة من نحاس وأخرى من حديد حتى ساوى الردم بطول الصدفين، فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد، فيأجوج ومأجوج ينتابونه في كل سنة مرة، وذلك أنهم يسيحون في بلادهم حتى إذا وقعوا إلى ذلك الردم حبسهم، فرجعوا يسيحون في بلادهم، فلا يزالون كذلك حتى تقرب الساعة وتجيئ أشراطها فإذا جاء أشراطها وهو قيام القائم عليه السلام فتحه الله عز وجل لهم، وذلك قوله عز وجل " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " (1).
فلما فرغ ذو القرنين من عمل السد انطلق على وجهه، فبينما هو يسير وجنوده إذ مر على شيخ يصلي فوقف عليه بجنوده حتى انصرف من