صلاته فقال له ذو القرنين: كيف لم يروعك ما حضرك من الجنود؟ قال:
كنت أناجي من هو أكثر جنودا منك وأعز سلطانا وأشد قوة، ولو صرفت وجهي إليك ما أدركت حاجتي قبله. فقال له ذو القرنين: فهل لك أن تنطلق معي فأواسيك بنفسي وأستعين بك على بعض أموري؟ قال: نعم إن ضمنت لي أربعا (1): نعيما لا يزول، وصحة لا سقم فيها، وشبابا لا هرم فيه، وحياة لا موت فيها. فقال له ذو القرنين: أي مخلوق يقدر على هذه الخصال؟ فقال الشيخ: فاني مع من يقدر على هذه الخصال (2) ويملكها وإياك.
ثم مر برجل عالم فقال لذي القرنين: أخبرني عن شيئين منذ خلقهما الله تعالى قائمين، وعن شيئين جاريين، وشيئين مختلفين، وشيئين متباغضين؟ فقال ذو القرنين: أما الشيئان القائمان فالسماء والأرض، وأما الشيئان الجاريان فالشمس والقمر، وأما الشيئان المختلفان فالليل والنهار، وأما الشيئان المتباغضان فالموت والحياة، فقال: انطلق فإنك عالم.
فانطلق ذو القرنين يسير في البلاد حتى مر بشيخ يقلب جماجم الموتى فوقف عليه بجنوده فقال له: أخبرني أيها الشيخ لأي شئ تقلب هذه الجماجم؟ قال: لأعرف الشريف عن الوضيع فما عرفت، فإني لا قلبها منذ عشرين سنة، فانطلق ذو القرنين وتركه وقال: ما أراك عنيت بهذا أحدا غيري.
فبينما هو يسير إذ وقع إلى الأمة العالمة الذين هم من قوم موسى الذين " يهدون بالحق وبه يعدلون " فوجد أمة مقسطة عادلة يقسمون