فتبسم هشام وقال: تشيع شطرك (1) وصرت إلى الحق ضرورة ولا خلاف بيني وبينك إلا في التسمية، قال ضرار: فإني أرجع القول عليك في هذا، قال: هات، قال ضرار لهشام: كيف تعقد الإمامة؟ قال هشام: كما عقد الله عز وجل النبوة، قال: فهو إذا نبي، قال هشام: لا لان النبوة يعقدها أهل السماء، والإمامة يعقدها أهل الأرض، فعقد النبوة بالملائكة، و عقد الإمامة بالنبي (2) والعقدان جميعا بأمر الله جل جلاله، قال: فما الدليل على ذلك؟ قال هشام: الاضطرار في هذا، قال ضرار: وكيف ذلك؟ قال هشام:
لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه: إما أن يكون الله عز وجل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله، فلم يكلفهم ولم يأمرهم ولم ينههم فصاروا بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها، أفتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول صلى الله عليه وآله؟ قال: لا أقول هذا، قال هشام: فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون (3) قد استحالوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد، فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم، وأصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه، أفتقول هذا إن الناس استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم بالدين حتى لا يحتاج أحد إلي أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق؟ قال: لا أقول هذا ولكنهم يحتاجون إلى غيرهم.
قال: فبقي الوجه الثالث وهو أنه لا بد لهم من عالم يقيمه