ولكن ليبين لغيره ممن لا يعرف ذلك حال ما قدره بتقديره إياه، وهذا أظهر من أن يخفى، وأبين من أن يحتاج إلى الاستشهاد عليه، ألا ترى أنا قد نرجع إلى أهل المعرفة بالصناعات في تقديرها لنا فلا يمنعهم علمهم بمقاديرها من أن يقدروها لنا ليبينوا لنا مقاديرها، وإنما أنكرنا أن يكون الله عز وجل حكم بها على عباده ومنعهم من الانصراف عنها، أو أن يكون فعلها وكونها، فأما أن يكون الله عز وجل خلقها خلق تقدير فلا ننكره.
وسمعت بعض أهل العلم يقول: إن القضاء على عشرة أوجه: فأول وجه منها العلم وهو قول الله عز وجل: ﴿إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها﴾ (١) يعني علمها.
والثاني الإعلام وهو قوله عز وجل: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) وقوله عز وجل: (وقضينا إليه ذلك الأمر) أي أعلمناه.
والثالث الحكم وهو قوله عز وجل. (والله يقضي بالحق) (٢) أي يحكم بالحق.
والرابع القول وهو قوله عز وجل: (والله يقضي بالحق) (٣) أي يقول الحق.
والخامس الحتم وهو قوله عز وجل: (فلما قضينا عليه الموت) (٤) يعني حتمنا، فهو القضاء الحتم.
والسادس الأمر وهو قوله عز وجل: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) يعني أمر ربك.
والسابع الخلق وهو قوله عز وجل: ﴿فقضيهن سبع سماوات في يومين﴾ (5)