التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٣٣١
ربه، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على الفطرة. يعني على المعرفة بأن الله عز وجل خالقه، فذلك قوله: ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله﴾ (1).
10 - حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد السراج الهمداني، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم السرنديبي، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن هارون الرشيد بحلب، قال: حدثنا محمد بن آدم بن أبي إياس (2) قال:
حدثنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه. (3) 54 - باب البداء (4) 1 - أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى،

(١) لقمان: ٢٥، والزمر: 38.
(2) في نسخة (و) وحاشية نسخة (ه‍) محمد بن آدم بن أبي اتاس، وفي نسخة (د) و (ب) (محمد بن أكرم بن أبي أياس).
(3) الحديث الرابع من الباب الرابع المتحد مع الحديث السابع من الباب العاشر يناسب هذا الباب ويبينه بعض البيان.
(4) البداء في أصل اللغة بمعنى الظهور، وقد اكتسب في الاستعمال اختصاصا في ظهور رأى جديد في أمر، ولذلك لم يذكر في اللفظ فاعل الفعل، يقال: بدا لي في كذا أي بدا لي فيه رأي جديد خلاف ما كان من قبل، ولازم ذلك عدم الاستمرار على ما كان عليه سابقا من فعل أو تكليف للغير أو قصد لشئ، ولا يستلزم هذا الظهور وعدم الاستمرار الجهل بشئ أو الندامة عما كان عليه أولا، بل هو أعم لأن ظهور الرأي الجديد قد يكون عن العلم الحادث بعد الجهل بخصوصيات ما كان عليه أو ما انتقل إليه وقد يكون لتغير المصالح والمفاسد والشروط والقيود والموانع فيهما، نعم إن الغالب فينا هو الأول فيتبادر عند الاستعمال الجهل والندامة، وإما بحسب مفهوم اللفظ فلا، فإسناد البداء إلى الله تعالى صحيح من دون احتياج إلى التوجيه، ومعناه في حقه تعالى عدم الاستمرار والابقاء لشئ في التكوين أو التشريع بإثبات ما لم يكن ومحو ما كان، ولا ريب أن محو شئ أو إثباته يدور مدار علته التامة ومباديه في الملكوت بأن يثبت بعض أسبابه وشرائطه أو يمحي أو يثبت بعض موانعه أو يمحي، وذلك إلى مشيته وإرادته التابعة لعلمه فإنه تعالى كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، ولكل أجل كتاب، وهذا مما لا ارتياب فيه ولا إشكال، ومن استشكل فيه من الإسلاميين أو غيرهم فإنما هو لسوء الفهم وفقد الدرك.
وإنما الكلام فيما أخبر الله تعالى أو أحد الأنبياء والأوصياء عن وقوعه محدودا بحدود و موقوتا بأوقات ولم يقع بعد كذلك ثم أخبر عنه مخالفا لما حد ووقت أو يظهر مخالفا له من دون إخبار كمواعدة موسى على نبينا وآله وعليه السلام وذبح إسماعيل على نبينا وآله وعليه السلام وقوله تعالى: (فتول عنهم فما أنت بملوم). وإخبار عيسى على نبينا وآله وعليه السلام بموت عروس ليلة عرسها ولم تمت وإخبار نبي من أنبياء بني إسرائيل بموت ملك ولم يمت وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه.
وأحق ما قيل في الجواب ما ذكر في كلمات أئمتنا صلوات الله عليهم أن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء وعلم ذلك كله عنده تعالى ويقع علم تلك الأمور عند مدبرات الأمور من الملائكة وغيرهم فيخبرون عنها مع جهلهم بالتوقف أو سكوتهم عنه مع العلم كما سكت عنه الله تعالى كما هو الشأن في أئمتنا صلوات الله عليهم بعقيدتي لأن علمهم فوق البداء لأنهم معادن علمه وإن كان ظاهر بعض الأخبار على خلاف ذلك، فيقال عند ذلك: بد الله تعالى في ذلك الأمر لأن الله تعالى غير الأمر عما أخبر به أولا بالارسال، وإن شئت فقل إنه تعالى أو غيره أخبر عن الأمر بحسب علته الناقصة مع العلم بعلته التامة و وقوعها أو عدم وقوعها.
ثم إن اختصاص العلم الكامل بالأمور بنفسه وبصفوة خلقه ووقوع العلم الناقص عند العاملين في ملكوته وبعض خلقة من لوازم كبريائه وسلطانه كما هو الشأن عند السلطان مع عمال حكومته، ولذلك ما عبد الله وما عظم بمثل البداء لأن المعتقد بالبداء معتقد كمال كبريائه وعظمته، وإلى هذا أشار الإمام عليه السلام على ما روي في تفسير القمي في قوله تعالى:
(وقالت اليهود يد الله - الخ) قال: قالوا: قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم فقال: (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) أي يقدم و يؤخر ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة، انتهى. نفي عليه السلام بيانه هذا اتحاد ما في التقدير مع ما يقع، وإليه أشير أيضا في قولهم عليهم السلام: (إن لله عز وجل علمين علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء وعلما علمه ملائكته ورسله).
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بيانه في سبب تأليف الكتاب. 17
2 بيانه في شروط لا إله إلا الله. 25
3 بيانه في شرط دخول العاصي الجنة. 26
4 بيانه في أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض - الخ ". 27
5 بيانه في معنى الإرادتين. 65
6 بيانه في نفي التشبيه عنه تعالى من جميع الجهات. 80
7 بيانه في معنى الواحد والتوحيد والموحد. 84
8 بيانه في قوله تعالى: " قال رب أرني أنظر إليك - الخ ". 119
9 بيانه في معنى الرؤية الواردة في الأخبار. 120
10 بيانه في معنى قوله تعالى: " فلما تجلى ربه للجبل - الخ ". 120
11 بيانه في إن أخبار الرؤية صحيحة. 122
12 بيانه في قدرته تعالى. 125
13 بيانه في معنى هو تعالى نور و تفسير ظلين 129
14 بيانه في معنى قدرته تعالى. 131
15 بيانه في الدليل على أنه تعالى قادر. 134
16 بيانه في كونه تعالى عالما. 135
17 بيانه في الدليل على أنه تعالى عالم. 137
18 بيانه في إرادته تعالى لفعل العبد. 143
19 بيانه في صفات الذات و صفات الأفعال. 148
20 بيانه في معنى السبع المثاني. 151
21 بيانه في خلق الله تعالى آدم على صورته. 152
22 بيانه في قوله تعالى (لما خلقت بيدي استكبرت) 154
23 بيانه في قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق ". 155
24 بيانه في قوله تعالى: " الله نور السماوات و الأرض - الخ ". 155
25 بيانه في معنى تركه تعالى. 160
26 بيانه في معنى قول أمير المؤمنين (ع) أنا قلب الله، أنا عين الله. 164
27 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا جنب الله. 165
28 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا عبد من عبيد محمد. 175
29 بيانه في الدليل على أنه تعالى ليس في مكان. 178
30 بيانه في تفسير أسماء الله تعالى. 195
31 بيانه في تفسير قوله تعالى: " تبارك الذي نزل الفرقان - الخ ". 217
32 بيانه في إن صفاته تعالى عين ذاته. 223
33 بيانه في خلق القرآن و حدوث كلامه تعالى. 225
34 بيانه في معنى أن القرآن غير مخلوق. 229
35 بيانه في ترك حي على خير العمل للتقية. 241
36 بيانه في معنى أنه تعالى على العرش. 250
37 بيانه في معني أنه تعالى يري أولياءه نفسه. 250
38 بيانه في أدلة توحيد الصانع. 269
39 بيانه في معنى اعرفوا الله بالله. 290
40 بيانه في طبقات الأنبياء. 291
41 بيانه في أدلة حدوث الأجسام و أن لها محدثا. 298
42 بيانه في مأخذ علم الأئمة عليهم السلام. 309
43 بيانه في معنى استوى على العرش. 317
44 بيانه في معنى البداء له تعالى. 335
45 بيانه في الاستطاعة. 345
46 بيانه في مشية الله تعالى و إرادته. 346
47 بيانه في حديث " الشقي من شقي - الخ ". 356
48 بيانه في معنى مشيئته تعالى و قدره و قضائه. 370
49 بيانه في تفسير الرزق. 373
50 بيانه في تفسير الأجل. 378
51 بيانه في معاني القضاء و الفتنة. 384
52 بيانه في معنى السعر و الرخص والغلاء. 389
53 بيانه في وجه العدل وعدله تعالى في الأطفال. 395
54 بيانه في شرط دخول المذنب الجنة. 410
55 بيانه في معنى الهداية والضلالة. 413
56 بيانه في علة إرادته تعالى بالعبد سوءا. 415
57 بيانه في سبب جلب المأمون متكلمي الفرق على الرضا عليه السلام. 454