لذاته، وليس وصفنا له تبارك وتعالى بأنه سميع بصير وصفا بأنه عالم، بل معناه ما قدمناه من كونه مدركا (١) وهذه الصفة صفة كل حي لا آفة به.
(القدير، القاهر) القدير والقاهر معناهما أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد الانفاذ فيها، وقد قيل: إن القادر من يصح منه الفعل إذا لم يكن في حكم الممنوع (٢)، والقهر الغلبة، والقدرة مصدر قولك: قدر قدرة أي ملك، فهو قدير قادر مقتدر، وقدرته على ما لم يوجد واقتداره على إيجاده هو قهره وملكه له: وقد قال: عز ذكره: ﴿مالك يوم الدين﴾ (3) ويوم الدين لم يوجد بعد، و يقال: أنه عز وجل قاهر لم يزل، ومعناه أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد إنفاذه فيها، ولم يزل مقتدرا عليها ولم تكن موجودة كما يقال: مالك يوم الدين، ويوم الدين لم يوجد بعد.
(العلي الأعلى) العلي معناه القاهر فالله العلي ذو العلى والعلاء والتعالي أي ذو القدرة والقهر والاقتدار، يقال: علا الملك علوا، ويقال لكل شئ قد علا:
علا يعلو علوا وعلي يعلى علاء، والمعلاة مكتسب الشرف وهي من المعالي، و علو كل شئ أعلاه - برفع العين وخفضها - وفلان من علية الناس وهو اسم، ومعنى الارتفاع والصعود والهبوط عن الله تبارك وتعالى منفي، ومعنى ثان أنه علا تعالى عن الأشباه والأنداد وعما خاضت فيه وساوس الجهال وترامت إليه فكر الضلال، فهو علي متعال عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وأما الأعلى فمعناه العلي والقاهر، ويؤيد ذلك قوله عز وجل لموسى عليه السلام: (لا تخف إنك أنت الأعلى) (4) أي القاهر، وقوله عز وجل في تحريض المؤمنين على القتال: (ولا