مصالحهم وعلى أمور دينهم هي في الوضوح والبيان بمنزلة هذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية ويتوقد بها الزيت الصافي الذي وصفه، فيجتمع فيه ضوء النار مع ضوء الزجاجة وضوء الزيت وهو معنى قوله: (نور على نور) وعنى بقوله عز وجل: (يهدي الله لنوره من يشاء) يعني من عباده وهم المكلفون ليعرفوا بذلك ويهتدوا به ويستدلوا به على توحيد ربهم وسائر أمور دينهم، وقد دل الله عز وجل بهذه الآية وبما ذكره من وضوح دلالاته وآياته التي دل بها عباده على دينهم أن أحد منهم لم يؤت فيما صار إليه من الجهل ومن تضييع الدين لشبهة ولبس دخلا عليه في ذلك من قبل الله عز وجل، إذ كان الله عز وجل قد بين لهم دلالاته وآياته على سبيل ما وصف، وإنهم إنما أتوا في ذلك من قبل أنفسهم بتركهم النظر في دلالات الله واستدلال بها على الله عز وجل وعلى صلاحهم في دينهم، وبين أنه بكل شئ من مصالح عباده ومن غير ذلك عليم.
2 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل: (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) فقال: هو مثل ضربه الله لنا، فالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد ومصالح الدين وشرائع الإسلام والفرائض والسنن، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
3 - وتصديق ذلك ما حدثنا به إبراهيم بن هارون الهيتي بمدينة السلام، قال:
حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثنا الحسين بن أيوب، عن محمد بن غالب عن علي بن الحسين، عن الحسن بن أيوب، عن الحسين بن سليمان، عن محمد بن مروان الذهلي عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: (الله نور السماوات والأرض)؟ قال: كذلك الله عز وجل، قال: قلت: (مثل نوره)؟
قال: محمد صلى الله عليه وآله، قلت (كمشكاة)؟ قال: صدر محمد صلى الله عليه وآله، قال: قلت: (فيها مصباح)؟ قال: فيه نور العلم يعني النبوة، قلت: (المصباح في زجاجة)؟ قال:
علم رسول الله صلى الله عليه وآله صدر إلى قلب علي عليه السلام، قلت: (كأنها)؟ قال: لأي شئ