نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٣ - الصفحة ٩
بنا الأفاعيل، ومنعونا العذب، وأحلسونا الخوف، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، فعزم الله لنا على الذب عن حوزته (1)، والرمي من وراء حرمته. مؤمننا يبغي بذلك الأجر، وكافرنا يحامي عن الأصل. ومن أسلم من قريش خلو مما نحن فيه بحلف يمنعه أو عشيرة تقوم دونه، فهو من القتل بمكان أمن (2) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا احمر البأس (3) وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة. فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر (4)، وقتل حمزة يوم أحد، وقتل جعفر يوم مؤتة. وأراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة (5)، ولكن آجالهم عجلت ومنيته أجلت. فيا عجبا للدهر إذ
____________________
العيش. وأحلسونا: ألزمونا. واضطرونا: الجأونا. والجبل الوعر الصعب الذي لا يرقى إليه كناية عن مضايقة قريش لشعب أبي طالب حيث جاهروهم بالعداوة وحلفوا لا يزوجونهم ولا يكلمونهم ولا يبايعونهم، وكتبوا على ذلك عهدهم عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم (1) عزم الله: أراد لنا أن نذب عن حوزته، والمراد من الحوزة هنا الشريعة الحقة. ورمى من وراء الحرمة: جعل نفسه وقاية لها يدافع السوء عنها فهو من ورائها أو هي من ورائه (2) كان المسلمون من غير آل البيت آمنين على أنفسهم إما بتحالفهم مع بعض القبائل أو بالاستناد إلى عشائرهم (3) احمرار البأس اشتداد القتال، والوصف لما يسيل فيه من الدماء. وحر الأسنة بفتح الحاء: شدة وقعها (4) عبيدة ابن عمه وحمزة عمه وجعفر أخو الإمام. ومؤتة بضم الميم بلد في حدود الشام (5) من لو شئت يريد نفسه
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست