المسلمين يعلمون أن الطلاق الثلاث محرم للمرأة، وإن كان أحدهما عالما والآخر جاهلا نظرت فإن كان هو العالم فلها المهر وعليه الحد ولا يلحقه النسب لأنه زان محدود وان كانت هي العالمة دونه فعليها الحد وحدها ولا مهر لها ويلحقه النسب لأن وطأه وطئ شبهة (فصل) فإن قال إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي فقال أحمد لا يقربها حتى يكفر وهذا نص في تحريمها قبل التكفير وهو دليل على تحريم الوطئ في المسألة التي قبلها بطريق التنبيه لأن المطلقة ثلاثا أعظم تحريما من المظاهر منها فإذا وطئ ههنا فقد صار مظاهرا من زوجته وزال حكم الايلاء ويحتمل ان أحمد أراد إذا وطئها مرة فلا يطؤها أخرى حتى يكفر لكونه صار بالوطئ مظاهرا إذ لا يصح تقديم الكفارة على الظهار لأنه سببها ولا يجوز تقديم الحكم على سببه، ولو كفر قبل الظهار لم يجزئه وقد روى إسحاق قال قلت لأحمد فيمن قال لزوجته أنت علي كظهر أمي ان قربتك إلى سنة فقال إن جاءت تطلب فليس له ان يعضلها بعد مضي الأربعة الأشهر فيقال له إما ان تفئ وإما ان تطلق فإن وطئها فقد وجب عليه كفارة وان أبى وأرادت مفارقته طلقها الحاكم عليه فينبغي ان تحمل الرواية الأولى على الوطئ بعد الوطئ الذي صار به مظاهرا لما ذكرناه فتكون الروايتان متفقتين والله أعلم (فصل) وان انقضت المدة وادعى أنه عاجز عن الوطئ فإن كان قد وطئها مرة لم تسمع دعواه الفيئة كما لا تسمع دعواها عليه ويؤخذ بالفيئة أو بالطلاق كغيره وان لم يكن وطئها ولم تكن حاله معروفة فقال القاضي تسمع دعواه ويقبل قوله لأن العنة من العيوب التي لا يقف عليها غيره وهذا ظاهر نص
(٥٤٨)