وجملة ذلك أن للأب تزويج المتعة بدون صداق مثلها بكرا كانت أو ثيبا صغيرة أو كبيرة وبه قال أبو حنيفة ومالك، وقال الشافعي ليس له ذلك فإن فعله فلها مهر مثلها لأنه عقد معاوضة فلم يجز أن ينقص فيه عن قيمة المعوض كالبيع ولأنه تفريط في مالها وليس له ذلك ولنا أن عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال ألا لا تغالوا في صداق النساء فما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه ولا أحدا من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكروه فكان اتفاقا منهم على أن له أن يزوج بذلك وإن كان دون صداق المثل، وزوج سعيد بن المسيب ابنته بدرهمين وهو من أشرف قريش شرفا وعلما ودينا، ومن المعلوم انه لم يكن مهر مثلها، ولأنه ليس المقصود من النكاح العوض وإنما المقصود السكن والأزواج ووضع المرأة في منصب عند من يكفلها ويصونها ويحسن عشرتها، والظاهر من الأب مع تمام شفقته وبلوغ نظره انه لا ينقصها من صداقها الا لتحصيل المعاني المقصودة بالنكاح فلا ينبغي أن يمنع من تحصيل المقصود بتفويت غيره، ويفارق سائر عقود المعاوضات فإن المقصود فيها العوض فلم يجز تفويته * (مسألة) * (وان فعل ذلك غيره بأختها صح) ولم يكن لغيره الاعتراض إذا كانت رشيدة لأن الحق لها وقد أسقطته فأشبه ما لو أذنت في بيع
(٣١)