(الثاني) أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به ان لم يجبه إلى ما طلبه.
(الثالث) أن يكون فيما يستضر به ضررا كبيرا كالقتل والضرب الشديد والحبس والقيد الطويلين، فأما السب والشتم فليس باكراه رواية واحدة وكذلك أخذ المال اليسير. فأما الضرب اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس باكراه، وإن كان في حق ذوي المروءات على وجه يكون اخراقا لصاحبه وغضا له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره، وان توعد بتعذيب ولده فقد قيل ليس باكراه لأن الضرر لا حق بغيره والأولى أن يكون اكراها لأن ذلك أعظم عنده من أخذ ماله والوعيد بذلك اكراه فكذلك هذا.
(فصل) فإن أكره على طلاق امرأة فطلق غيرها وقع لأنه غير مكره عليه وان أكره على طلقة فطلق ثلاثا وقع أيضا لأنه لم يكره على الثلاث، وان طلق من أكره على طلاقها وغيرها وقع طلاق غيرها دونها وان خلصت نيته في الطلاق دون دفع الاكراه وقع لأنه قصده واختاره ويحتمل أن لا يقع لأن اللفظ مرفوع عنه فلا يبقى الا مجرد النية فلا يقع بها طلاق، وان طلق ونوى بقلبه غير امرأته وتأول في يمينه فله تأويله ويقبل قوله في نيته لأن الاكراه دليل على تأويله، وان لم يتأول وقصدها بالطلاق لم يقع لأنه معذور. وذكر أصحاب الشافعي وجها أنه يقع لأنه لا يكره على نيته