الله عنه من قبل مالا على فراق فهي تطليقة بائنة لا رجعة فيها، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم " أتردين عليه حديقته؟ " قالت نعم ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال " خذ ما أعطيتها ولا تزدد " ولم يستدع منه لفظا ولان دلالة الحال تغني عن اللفظ بدليل ما لو دفع ثوبه إلى قصار أو خياط معروفين بذلك فعملاه استحقا الاجر وان لم يشترطا عوضا ولنا أن هذا أحد نوعي الخلع فلم يصح بدون لفظ كما لو سألته أن لا يطلقها بعوض ولأنه تصرف في البضع بعوض فلم يصح بدون اللفظ كالنكاح والطلاق ولان أخذ المال قبض بعوض فلم يقم بمجرده مقام الايجاب كقبض أحد العوضين في البيع ولأن الخلع إن كان طلاقا فلا يقع بدون صريحه أو كنايته وإن كان فسخا فهو أحد طرفي عقد النكاح، فيعتبر فيه اللفظ كابتداء العقد، فأما حديث جميلة فقد رواه البخاري " أقبل الحديقة وطلقها تطليقة " وهذا صريح في اعتبار اللفظ، وفي رواية فأمره ففارقها ومن لم يذكر الفرقة فإنما اقتصر على بعض القصة بدليل رواية من روى الفرقة والطلاق فإن القصة واحدة والزيادة من الثقة مقبولة ويدل على ذلك أنه قال ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وقال " خذ ما أعطيتها " فجعل التفريق قبولا لعوض ونسب التفريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يباشر التفريق فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ولعل الراوي استغنى بذكر العوض عن ذكر اللفظ لأنه معلوم منه وعلى هذا يحمل كلام أحمد وغيره من الأئمة ولذلك لم يذكروا من جانبها لفظا ولا دلالة حال ولابد منه اتفاقا.
(١٨٧)