وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي وذكر بعض أصحابه أن له قولا آخر أنه لا يقع به طلاق وإن نواه لأنه فعل من قادر على النطق فلم يقع به الطلاق كالإشارة ولنا أن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق فإذا أنى فيها بالطلاق وفهم منها ونواه وقع كاللفظ ولان الكتابة تقوم مقام الكاتب بدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتبليغ رسالته فجعل ذلك في حق البعض بالقول وفي حق آخرين بالكتابة إلى ملوك الأطراف ولان كتاب القاضي يقوم مقام لفظه في اثبات الديون والحقوق فإن نوى بذلك تجويد خطه أو تجربة قلمه لم يقع لأنه لو نوى باللفظ غير الايقاع لم يقع فالكتابة أولى، وإذا ادعى ذلك دين فيما بينه وبين الله تعالى ويقبل في الحكم في أصح الوجهين لأن ذلك يقبل في اللفظ الصريح في أحد الوجهين فههنا مع أنه ليس بلفظ أولى، وإن قال نويت غم أهلي فقد قال في رواية أبي طالب فيمن كتب طلاق زوجته ونوى الطلاق وقع، وإن أراد أن يغم أهله فقد عمل في ذلك أيضا يعني أنه يؤاخذ به لقول النبي صلى الله عليه وسلم " عفي لامتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل به " فظاهر هذا أنه أوقع الطلاق لأن غم أهله يحصل بالطلاق فيجتمع غم أهله ووقوع طلاقه كما لو قال أنت طالق يريد به غمها، ويحتمل أن لا يقع لأنه أراد غم أهله بتوهم الطلاق دون حقيقته فلا يكون ناويا للطلاق والخبر إنما يدل على مؤاخذته بما نواه عند العمل به أو الكلام وهذا لم ينو طلاقا فلا يؤاخذ به
(٢٨٢)