بالعزم المجرد قلنا دليل التأويل ما ذكرنا، وأما الامر بالكفارة عند العزم فإنما أمر بها شرطا للحل كالأمر بالطهارة لمن أراد النافلة والامر بالنية لمن أراد الصيام، فأما الامساك فليس بعود لأنه ليس بعود في الظهار المؤقت فكذلك في المطلق ولان العود فعل ضد ما قاله والامساك ليس بضد له، وقولهم إن الظهار يقتضي إبانتها ممنوع وإنما يقتضي تحريمها واجتنابها ولذلك صح توقيته ولأنه قال (ثم يعودون) وثم للتراخي والامساك غير متراخ وأما قول داود فلا يصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أوسا وسلمة بن صخر بالكفارة من غير إعادة للفظ ولان العود إنما هو في مقوله دون قوله كالعود في العدة والهبة والعود فيما نهى عنه، ويدل على إبطال هذه الأقوال كلها أن الظهار يمين مكفرة فلا تجب الكفارة إلا بالحنث فيها وهو فعل ما حلف على تركه كسائر الايمان وتجب الكفارة به كسائر الايمان ولأنها يمين تقتضي ترك الوطئ فلا تجب كفارتها إلا به كالايلاء * (مسألة) * (فإن مات أحدهما أو طلقها قبل الوطئ فلا كفارة عليه فإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر) وجملة ذلك أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار فلو مات أحدهما أو فارقها قبل العود فلا كفارة عليه وهو قول عطاء والنخعي والحسن والأوزاعي والثوري ومالك وأبي عبيد وأصحاب الرأي، وقال طاوس ومجاهد والشعبي والزهري وقتادة: عليه الكفارة بمجرد الظهار لأنه سبب الكفارة وقد وجد، ولان الكفارة وجبت لقول المنكر والزور، وهذا يحصل بمجرد الظهار. وقال الشافعي متى أمسكها بعد ظهاره زمنا يمكنه طلاقها فيه فلم يطلقها فعليه الكفارة لأن ذلك هو العود عنده.
(٥٧٧)