الحج فلم يصح من المغمى عليه كسائر أركانه. قال ابن عقيل والسكران كالمغمى عليه لأنه زائل العقل بغير نوم، فأما النائم فهو في حكم المستيقظ يجزئه الوقوف (فصل) وتسن له الطهارة، قال أحمد يستحب أن يشهد المناسك كلها على وضوء، كان عطاء يقول لا يقضى شئ من المناسك إلا على وضوء ولا يجب في ذلك وحكاه ابن المنذر اجماعا، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها " افعلي ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت " دليل على أن الوقوف بعرفة جائز على غير طهارة، ووقفت عائشة بعرفة حائضا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشترط ستارة، ولا استقبال، ولا نية، ولا نعلم فيه خلافا لأنه لا تشترط له الطهارة فلم يشترط له شئ من ذلك قياسا عليها (فصل) ومن فاته ذلك فاته الحج لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه " رواه أبو داود يدل على فواته بخروج ليلة جمع، ولحديث جابر الذي ذكرناه ولا نعلم في ذلك خلافا، ولأنه ركن للعبادة فلم يتم بدونه كسائر العبادات (مسألة) (ومن وقف بها نهارا ودفع قبل غروب الشمس فعليه دم) يعني أنه يجب عليه الوقوف إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. رواه جابر وغيره، وقال عليه السلام " خذوا عني مناسككم " فإن دفع قبل الغروب فحجه صحيح في قول جماعة الفقهاء إلا مالكا فإنه قال لا حج له. قال ابن عبد البر لا نعلم أحدا من العلماء قال بقول مالك، ووجه قوله ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحلل بعمرة وعليه الحج من قابل " ولنا ما روى عروة بن مضرس قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله اني جئت من جبل طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من شهد صلاتنا هذه ووقوف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه، وقضى تفثه " قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، ولأنه وقف في زمن الوقوف أشبه الليل، فأما خبره فإنما خص الليل لأن الفوات يتعلق به
(٤٣٥)