(مسألة) (ولا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره ولا نذره ولا نافلة فإن فعل انصرف إلى حجة الاسلام، وعنه يقع ما نواه) وجملة ذلك أنه ليس لمن لم يحج حجة الاسلام أن يحج عن غيره، فإن فعل وقع احرامه عن حجة الاسلام، وبهذا قال الأوزاعي والشافعي وإسحاق، وقال أبو بكر عبد العزيز يقع الحج باطلا ولا يصح عنه ولا عن غيره وروي ذلك عن ابن عباس، لأنه لما كان من شرط طواف الزيارة تعيين النية فمتى نواه لغيره لم يقع عن نفسه، ولهذا لو طاف حاملا لغيره ولم ينوه لنفسه لم يقع عن نفسه، وقال الحسن وإبراهيم وأيوب السختياني وجعفر بن محمد ومالك وأبو حنيفة يجوز أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه، وعن أحمد مثل ذلك، وقال الثوري إن كان يقدر على الحج عن نفسه حج عن نفسه، وإن لم يقدر حج عن غيره، واحتجوا بأن الحج مما تدخله النيابة فجاز أن يؤديه عن غيره من لم يؤد فرضه عن نفسه كالزكاة ولنا ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من شبرمة؟ " قال قريب لي، قال " هل حججت قط؟ " قال لا، قال " فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة " وراه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وهذا لفظه، ولأنه حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه فلم يقع عن الغير كما لو كان صبيا، ويفارق الزكاة فإنه يجوز أن ينوب عن الغير وقد بقي عليه بعضها وههنا لا يجوز أن ينوب عن الغير من شرع في الحج قبل اتمامه ولا يطوف عن نفسه
(١٩٨)