العمرة قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال هذه عمرة مكان عمرتك متفق عليه دليل على أنها رفضت عمرتها وأحرمت بحج من وجوه.
(أحدها) قوله (دعي عمرتك) و (الثاني) قوله (وامتشطي) و (الثالث) قوله (هذه عمرة مكان عمرتك) ولنا ما روى جابر قال: أقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عركت ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي فقال " ما شأنك؟ " قالت شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن فقال " إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج " ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة ثم قال " قد حللت من حجتك وعمرتك " قالت يا رسول الله أني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال " فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم " وروى طاوس عن عائشة أنها قالت أهللت بعمرة فقدمت ولم أطف حتى حضت فنسكت المناسك كلها، وقد أهللت بالحج فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوم النفر يسعك طوافك لحجك وعمرتك " فأبت فبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرها من التنعيم. رواهما مسلم وهما يدلان على جميع ما ذكرنا، ولان ادخال الحج على العمرة جائز بالاجماع من غير خشية الفوات فمع خشيته أولى، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لمن أهل بالعمرة أن يدخل عليها الحج ما لم يفتتح الطواف بالبيت، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي في حجة الوداع أن يهل بالحج مع العمرة ومع امكان الحج مع بقاء العمرة لا يجوز رفضها كغير الحائض، فأما حديث عروة فإن قوله " انقضي رأسك وامتشطي ودعي العمرة " انفرد به عروة وخالف به كل من روى عن عائشة حين حاضت وقد روي ذلك طاوس والقاسم والأسود وغيره عن عائشة فلم يذكروا ذلك، وحديث جابر وطاوس مخالفان لهذه الزيادة