إذا نوى الافطار في صوم الفرض أفطر وفسد صومه هذا ظاهر المذهب وقول الشافعي وأبي ثور وقال أصحاب الرأي إن عاد فنوى قبل أن ينتصف النهار أجزأه بناء على أصلهم ان الصوم المعين يجزئ بنية من النهار، وحكي عن ابن حامد ان الصوم لا يفسد بذلك لأنها عبادة يلزم المضي في فاسدها فلم تفسد بنية الخروج منها كالحج ولنا انها عبادة من شرطها النية ففسدت بنية الخروج منها كالصلاة ولان اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة، لكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بقاء حكمها وهو أن لا ينوي قطعها، فإذا نواه زالت حقيقة وحكما ففسد الصوم لزوال شرطه، وما ذكره ابن حامد لا يطرد في غير رمضان ولا يصح القياس على الحج فإنه يصح بنية مطلقة ومبهمة وبالنية عن غيره إذا لم يكن حج عن نفسه فافترقا (فصل) فأما صوم النفل فإن نوى الفطر ثم لم ينو الصوم بعد ذلك لم يصح صومه لأن النية انقطعت ولم توجد نية غيرها أشبه من لم ينو أصلا، وان عاد فنوى الصوم صح كما لو أصبح غير ناو للصوم لأن نية الفطر إنما أبطلت الفرض لقطعها النية المشترطة في جميع النهار حكما وخلو بعض أجزاء النهار عنها، والنفل بخلاف ذلك فلم يمنع صحة الصوم نية الفطر في زمن لا يشترط وجود نية الصوم فيه لأن نية الفطر لا تزيد على عدم النية في ذلك الوقت وعدمها لا يمنع صحة الصوم إذا نوى بعد ذلك فكذلك إذا نوى الفطر ثم نوى الصوم بعده، وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا أصبح صائما ثم عزم على الفطر فلم يفطر حتى بدا له ثم قال لابل أتم صومي من الواجب لم يجزئه حتى يكون عازما على الصوم يومه كله، ولو كان تطوعا كان أسهل وظاهر هذا موافق لما ذكرناه. وقد دل على صحته ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل أهله هل من غداء؟ فإن قالوا لا. قال: " إني إذا صائم " (فصل) فإن نوى انه سيفطر ساعة أخرى فقال ابن عقيل هو كنية الفطر في وقته وإن تردد في الفطر فعلى وجهين كما ذكرنا في الصلاة، وان نوى انني ان وجدت طعاما أفطرت وإلا أتممت صومي خرج فيه وجهان (أحدهما) يفطر لأنه لم يبق جازما بنية الصوم ولذلك لا يصح ابتداء النية بمثل هذا (الثاني) لا يفطر لأنه لم ينو الفطر نية صحيحة، لأن النية لا يصح تعليقها على شرط، ولذلك لا ينعقد الصوم بمثل هذه النية (فصل) ومن ارتد عن الاسلام أفطر بغير خلاف نعلمه إذا ارتد في أثناء الصوم فعليه قضاء ذلك اليوم إذا عاد إلى الاسلام سواء أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاد ما يكفر به أو شكه أو النطق بكلمة الكفر مستهزئا أو غير مستهزئ لأنها عبادة من شرطها النية أشبهت الصلاة والحج (مسألة) (ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، وقال القاضي لا يجزي بعد الزوال)
(٢٩)