من ميقاته من الجحفة فقال سبحان الله أليس يروي ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " وهذا قول الشافعي وإسحاق وقال أبو ثور في الشامي يحرم بالمدينة له أن يحرم من الجحفة وهو قول أصحاب الرأي وكانت عائشة رضي الله عنها إذا أرادت الحج أحرمت من ذي الحليفة وإذا أرادت العمرة أحرمت من الجحفة ولعلهم يحتجون بان النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل الشام الجحفة ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " ولأنه ميقات فلم يجز تجاوزه بغير احرام لمن يريد النسك كسائر المواقيت وخبرهم أريد به من لم يمر على ميقات آخر بدليل ما لو مر بميقات غير ذي الحليفة لم يجز تجاوزه بغير احرام بغير خلاف، وقد روى سعيد بن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لمن ساحل من أهل الشام الجحفة والحج والعمرة سواء في هذا لقول النبي صلى الله عليه وسلم " فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد حجا أو عمرة " (فصل) فإن مر من غير طريق ذي الحليفة فميقاته الجحفة سواء كان شاميا أو مدنيا لما روى أبو الزبير أنه سمع جابرا يسأل عن المهل فقال سمعته أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول " مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر من الجحفة " رواه مسلم، ولأنه مر على أحد المواقيت دون غيره فلم يلزمه الاحرام قبله كسائر المواقيت ولعل أبا قتادة حين أحرم أصحابه دونه في قصة صيد الحمار الوحشي إنما ترك الاحرام لأنه لم يمر على ذي الحليفة فأخر احرامه إلى الجحفة ويمكن حمل حديث عائشة في تأخيرها احرام العمرة إلى الجحفة على هذا، وأنها لا تمر في طريقها على ذي الحليفة لئلا يكون فعلها مخالفا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (مسألة) (ومن منزله دون الميقات فميقاته من موضعه يعني إذا كان مسكنه أقرب إلى مكة من الميقات كان ميقاته سكنه) هذا قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وعن مجاهد قال يهل من مكة والصحيح الأول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عباس " فمن كان دونهن مهله من أهله " وهذا صريح فالعمل به أولى (فصل) إذا كان مسكنه قرية فالأفضل أن يحرم من أبعد جانبيها، وإن أحرم من أقرب جانبيها جاز، وهكذا القول في المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت قريبة والحلة كالقرية فيما ذكرنا وإن كان مسكنه منفردا فميقاته مسكنه أو حذوه وكل ميقات فحذوه بمنزلته، ثم إن كان مسكنه في الحل فاحرامه منه للحج والعمرة معا، وإن كان في الحرم فاحرامه للعمرة من الحل ليجمع في النسك بين الحل والحرم كالمكي، وأما الحج فينبغي أن يجوز له الاحرام من أي الحرم شاء كالمكي
(٢٠٩)