جميعا بدليل ان المسافر لا يباح له الفطر في السفر القصير، والفرق بين المسافر والمريض ان السفر اعتبرت فيه المظنة وهو السفر الطويل حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها، فإن قليل المشقة لا يبيح وكثيرها لا ضابط له في نفسه فاعتبرت بمظنتها وهو السفر الطويل فدار الحكم مع المظنة وجودا وعدما والمرض لا ضابط له فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الإصبع والدمل والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطا وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره بذلك، إذا ثبت هذا فإن تحمل المريض وصام مع هذا فقد فعل مكروها لما يتضمنه من الاضرار بنفسه وتركه تخفيف الله وقبول رخصته، ويصح صومه ويجزئه لأنه عزيمة أبيح تركها رخصة، فإذا تحمله أجزأه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها (فصل) والصحيح الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادة المرض في إباحة الفطر لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفا مما يتجدد بصيامه من زيادة المرض وتطاوله والخوف من تجدد المرض في معناه. قال أحمد فيمن به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه فله الفطر، وقال في الجارية تصوم إذا حاضت فإن جهدها الصوم فلتفطر ولتقض يعني إذا حاضت وهي صغيرة قال القاضي هذا إذا كانت تخاف المرض بالصيام يباح لها وإلا فلا (فصل) ومن أبيح له الفطر لشدة شبقه إن أمكنه استدفاع الشهوة بغير الجماع كالاستمناء بيده أو يد امرأته أو جاريته لم يجز له الجماع لأنه أفطر للضرورة فلم يبح له الزيادة على ما تندفع به الضرورة كأكل الميتة عند الضرورة (1) فإن جامع فعليه الكفارة، وكذلك إن أمكنه دفعها بما لا يفسد صوم غيره كوطئ زوجته، أو أمته الصغيرة أو الكتابية، أو المباشرة للكبيرة المسلمة دون الفرج أو الاستمناء بيدها أو بيده لم يبح له افساد صوم غيره لأن الضرورة إذا اندفعت لم يبح ما وراءها كالشبع من الميتة إذا اندفعت الضرورة بسد الرمق، وإن لم تندفع الضرورة إلا بافساد صوم غيره أبيح ذلك لأنه مما تدعو الضرورة إليه فأبيح كفطره وكالحامل والمرضع يفطران خوفا على ولديهما، فإن كان له امرأتان حائض وطاهر صائمة ودعته الضرورة إلى وطئ إحداهما احتمل وجهين (أحدهما) وطئ الصائمة أولى لأن الله تعالى نص على النهي عن وطئ الحائض في كتابه (والثاني) يتخير لأن وطئ الصائمة يفسد صومها فتتعارض المفسدتان ويتساويان (فصل) وحكم المسافر حكم المريض في إباحة الفطر وكراهية الصوم واجزائه إذا فعل، وإباحة الفطر للمسافر ثابتة بالنص والاجماع وأكثر أهل العلم على أنه إن صام أجزأه، وروي عن أبي هريرة انه لا يصح صوم المسافر، قال أحمد: عمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة وروي الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف أنه قال: الصائم في السفر كالمفطر
(١٧)