عمر إذا أحرم من مكة لم يرمل لأن الرمل إنما شرع في الأصل لاظهار الجلد والقوة لأهل البلد، وهذا المعنى معدوم في أهل البلد. والحكم فيمن أحرم من مكة حكم أهل مكة لما ذكرنا عن ابن عمر، ولأنه أحرم من مكة أشبه أهل البلد. وليس عليهم اضطباع لأن من لا يشرع له الرمل لا يشرع له الاضطباع كالنساء والمتمتع إذا أحرم بالحج من مكة ثم عاد وقلنا يشرع له طواف القدوم لم يرمل فيه. قال احمد رحمه الله: ليس على أهل مكة رمل البيت ولا بين الصفا والمروة (فصل) وليس في غير هذا الطواف رمل ولا اضطباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا في ذلك وذكر القاضي أن من ترك الرمل والاضطباع في طواف القدوم أتى بهما في طواف الزيارة لأنهما سنة أمكن قضاؤها فتقضى كسنن الصلاة وليس بصحيح لما ذكرنا من أن من تركه في الثلاثة الأول لا يقضيه في الأربعة. وكذلك من ترك الجهر في صلاة الفجر لا يقضيه في صلاة الظهر، ولا يقتضى القياس أن يقضي هيئة عبادة في عبادة أخرى. قال القاضي ولو طاف فرمل واضطبع ولم يسع بين الصفا والمروة فإذا طاف بعد ذلك رمل في طوافه لأنه يرمل في السعي بعده وهو تبع في الطواف فلو قلنا لا يرمل في الطواف أفضى إلى كون التبع أكمل من المتبوع، وهذا قول مجاهد والشافعي قال شيخنا: وهذا لا يثبت بمثل هذا الرأي الضعيف فإن المتبوع لا تتغير هيئاته تبعا كتبعه ولو كانا متلازمين كان ترك الرمل في السعي تبعا لعدمه في الطواف أولى من الرمل في الطواف تبعا للسعي
(٣٩٣)