(مسألة) (ومن وجب عليه الحج فتوفى قبله أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة) وجملة ذلك أن من وجب عليه الحج ولم يحج وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر سواء فاته بتفريطه أو بغير تفريطه وبهذا قال الحسن وطاوس والشافعي وقال أبو حنيفة ومالك يسقط بالموت فإن وصى بها فهي من الثلث لأنه عبادة بدنية فسقط بالموت كالصلاة ولنا ما روى ابن عباس ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج قال " حجي عن أبيك " وعنه أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال " أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه؟ " قال نعم قال " فاقضوا الله فهو أحق بالقضاء " رواهما النسائي ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين وبهذا فارق الصلاة فإنها لا تدخلها النيابة والعمرة كالحج فميا ذكرنا إذا قلنا بوجوبها ويكون ما يحج به ويعتمر من جميع ماله لأنه دين مستقر فكان من جميع المال كالدين الآدمي (فصل) ويستناب من يحج عنه من حيث وجب عليه اما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه وبهذا قال الحسن ومالك وإسحاق في النذر وقال عطاء في الناذر ان لم يكن نوى مكانا فمن ميقاته واختاره ابن المنذر وقال الشافعي فيمن عليه حجة الاسلام يستأجر من يحج عنه من الميقات لأن الاحرام لا يجب من دونه ولنا أن الحج وجب عليه من بلده فوجب أن ينوب عنه منه لأن القضاء يكون على صفة الأداء كقضاء الصلاة والصوم كذلك الحكم في حج النذر والقضاء قياسا عليه فإن كان له وطنان استنيب من أقربهما فإن وجب عليه الحج بخراسان فمات ببغداد وبالعكس فقال احمد يحج عنه من حيث وجب عليه لا من حيث موته ويحتمل أن يحج عنه من أقرب المكانين لأنه لو كان حيا في أقرب المكانين لم يجب عليه الحج من أبعد منه فكذلك نائبه فإن حج عنه من دون ذلك فقال القاضي إن كان دون مسافة القصر أجزأه لأنه في حكم القريب والا لم يجزئه لأنه لم يؤد الواجب بكماله ويحتمل أن يجزئه ويكون مسيئا كمن وجب عليه الاحرام من الميقات فاحرم من دونه والله أعلم (فصل) فإن خرج للحج فمات في الطريق حج عنه من حيث مات لأنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب ثانيا وكذلك ان مات نائبه فاستنيب من حيث مات كذلك ولو أحرم بالحج ثم مات صحت النيابة عنه فما بقي من النسك سواء كان احرامه لنفسه أو غيره نص عليه لأنها عبادة تدخلها النيابة فإذا مات بعد فعل بعضها قضى عنه باقيها كالزكاة (مسألة) (فإن ضاق ماله عن ذلك أو كان عليه دين أخذ للحج بحصته وحج به من حيث يبلغ)
(١٨٨)