(فصل) ويكره أفراد يم النيروز والمهرجان بالصوم ذكره أصحابنا لأنهما يومان يعظمها الكفار فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما فكره كيوم السبت، وعلى قياس هذا كل عيد للكفار، أو يوم يفردونه بالتعظيم يكره افراده بالصوم لما ذكرنا إلا أن يوافق عادة فلا يكره لما ذكرنا في الفصول المتقدمة (فصل) في الوصال وهو ان لا يفطر بين اليومين أو الأيام بأكل وشرب وهو مكروه في قول أكثر أهل العلم وروي عن ابن الزبير انه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا ما روى ابن عمر قال واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فواصل الناس فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقالوا انك تواصل فقال " إني لست مثلكم اني أطعم واسقي " متفق عليه وهذا يقتضي اختصاصه بذلك ومنع الحاق غيره به وقوله (اني أطعم وأسقى) يحتمل أنه أراد أني أعان على الصيام ويغنيه الله تعالى عن الشراب والطعام بمنزلة من طعم وشرب ويحتمل أنه أراد إني أطعم حقيقة واسقي حقيقة حملا للفظ على حقيقته والأول أظهر لوجهين (أحدهما) أنه لو طعم وشرب حقيقة لم يكن مواصلا وقد أقرهم على قولهم انك تواصل (والثاني) أنه قد روي أنه قال " اني أظل يطعمني ربي ويسقيني " وهذا يقتضي أنه في النهار ولا يجوز الاكل في النهار له ولا لغيره. إذا ثبت هذا فإن الوصال غير محرم وظاهر قول الشافعي أنه حرام لظاهر النهي ولنا (1) أنه ترك الأكل والشرب المباح فلم يكن محرما كما لو تركه في حال الفطر فإن قيل فصوم يوم العيد محرم مع كونه تركا للاكل والشرب المباح قلنا ما حرم ترك الأكل والشرب بنفسه وإنما حرم نية الصوم ولهذا لو تركه من غير نية الصوم لم يكن محرما وأما النهي فإنما أتى به رحمة لهم ورفقا بهم لما فيه من المشقة عليهم كما نهى عبد الله بن عمرو عن صيام النهار وقيام الليل وعن قراءة القرآن في أقل من ثلاث وقالت عائشة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم وهذه قرينة صارفة عن التحريم ولهذا لم يفهم منه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التحريم بدليل أنهم واصلوا بعده ولو فهموا منه التحريم لما فعلوه قال أبو هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فلما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ويوما ثم رأوا الهلال فقال " لو تأخر لزدتكم " كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا متفق عليه فإن واصل إلى السحر جاز لما روى أبو سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر أخرجه البخاري وتجيل الفطر أفضل لما قدمناه
(١٠٩)