طواف القدوم وطواف العمرة للمتمتع لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا ويمشي أربعة أشواط لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا رواه جابر وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وأحاديثهم متفق عليها فإن قيل إنما رمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لاظهار الجلد للمشركين ولم يبق ذلك المعنى إذ قد نفى الله المشركين فلم قلتم أن الحكم يبقى بعد زوال علته؟ قلنا قد رمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واضطبع في حجة الوداع بعد الفتح فثبت أنها سنة ثابتة وقال ابن عباس رمل النبي صلى الله عليه وسلم في عمره كلها وفي حجه وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء من بعده رواه الإمام أحمد في المسند وقد ذكرنا حديث عمر إذا ثبت أن الرمل سنة في الأشواط الثلاثة فإنه يرمل من الحجر إلى الحجر لا يمشي في شئ منها روي ذلك عن عمر وابنه وابن مسعود وابن الزبير رضي الله عنهم وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وقال طاوس وعطاء والحسن وسعيد بن جبير والقاسم وسالم بن عبد الله يمشي ما بين الركنين لما روى ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم الحمى فقال المشركون انه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب ولقوا منها شرا فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوا فلما قدموا قعد المشركون مما يلي الحجر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركين جلدهم فلما رأوهم رملوا قال المشركون هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد منا قال ابن عباس ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها الا الابقاء عليهم متفق عليه
(٣٨٧)