ولنا ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن الصعب بن جثامة الليثي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالابواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى ما في وجهه قال: " انا لم نرده عليك الا أنا حرم " متفق عليه، وروى جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال هو أحسن حديث في الباب وهذا فيه تحريم ما صيد للمحرم وفيه إباحة ما لم يصده ولم يصد له (فصل) ولا يحرم عليه الاكل من غير ذلك، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك، ويروى ذلك عن طلحة بن عبيد الله وحكي عن عطاء وابن عمر وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم ان لحكم الصيد يحرم على المحرم بكل حال، وبه قال طاوس وكرهه الثوري وإسحاق لعموم قوله سبحانه (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) ولما ذكرنا من حديث الصعب بن جثامة، وروى أبو داود باسناده عن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال: كان الحارث خليفة عثمان على الطائف فصنع له طعاما وصنع فيه الحجل واليعاقيب ولحم الوحش فبعث إلى علي بن أبي طالب فجاءه فقال أطعموه قوما حلالا انا حرم ثم قال علي أنشد الله من كان ههنا من أشجع أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه رجل حمار وحش فأبى أن يأكله؟ قالوا نعم، ولأنه لحم صيد فحرم على المحرم كما لو دل عليه ولنا ما ذكرنا من حديث أبي قتادة وجابر فإنهما صريحان في الحكم وفي ذلك جمع بين الأحاديث وبيان المختلف منها بان يحمل ترك النبي صلى الله عليه وسلم الاكل في حديث الصعب بن جثامة لعلمه أو ظنه أنه
(٢٩٠)