عبادة ذات تحريم وتحليل فكان لها نطق واجب كالصلاة ولان الهدي والأضحية لا يجبان بمجرد النية كذلك النسك.
ولنا أنها عبادة ليس في آخرها نطق واجب فلم يكن في أولها كالصيام والخبر المراد به الاستحباب فإن منطوقه رفع الصوت ولا خلاف في عدم وجوبه فما هو من ضرورته أولى ولو وجب النطق لم يلزم كونه شرطا فإن كثيرا من واجبات الحج غير مشترطة فيه والصلاة في آخرها نطق واجب بخلاف الحج والعمرة وأما الهدي والأضحية فايجاب مال فهو يشبه النذر بخلاف الحج لأنه عبادة بدنية فعلى هذا لو نطق بغير ما نواه نحو أن ينوي العمرة فيسبق لسانه إلى الحج أو بالعكس انعقد ما نواه دون ما لفظه به. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا وذلك لأن الواجب النية وعليها الاعتماد واللفظ لا عبرة به فلم يؤثر كما لا يؤثر اختلاف النية فيما يعتبر له اللفظ دون النية فإن لبى أو ساق الهدي من غير نية لم ينعقد احرامه لأن ما اعتبرت له النية لا ينعقد بدونها كالصوم والصلاة (مسألة) (ويشترط فيقول اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستي) فإن أراد التمتع قال اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها منى وان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني وان أراد الافراد قال اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ويشترط. وان أراد القران قال اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني ويشترط. وهذا الاشتراط مستحب ويفيد هذا الشرط شيئين.
(أحدهما) أنه إذا عاقه عدو أو مرض أو ذهاب نفقة ونحوه أن له التحلل (والثاني) أنه متى حل بذلك فلا شئ عليه وممن رأى الاشتراط في الاحرام عمر وعلى وابن مسعود وعمار رضي الله عنهم وبه قال عبيدة السلماني وعلقمة والأسود وشريح وسعيد بن المسيب وعطاء وعكرمة والشافعي بالعراق وأنكره ابن عمر وطاوس وسعيد بن جبير والزهري ومالك وأبو حنيفة وعن أبي حنيفة أن الاشتراط يفيد سقوط الدم فاما التحلل فهو ثابت عنده بكل احصار واحتجوا بان ابن عمر كان ينكر الاشتراط ويقول حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ولأنها عبادة تجب بأصل الشرع فلم يفد الاشتراط فيها كالصوم والصلاة.
ولنا ماروت عائشة رضي الله عنها قالت دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقالت يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية فقال النبي صلى الله عليه وسلم " حجي واشترطي ان محلي حيث حبستني " متفق عليه