وقال القاضي يضمن السائق جميع جنايتها لأن يده عليها ويشاهد رجلها، وقال ابن عقيل لا ضمان في الرجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الرجل جبار " وان انفلتت فأتلفت صيدا لم يضمنه لأنه لا يدله عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " العجماء جبار " ولذلك لو أتلفت آدميا لم يضمنه ولو نصب شبكة أو حفر بئرا فوقع فيها صيد ضمنه لأنه بسببه كما يضمن الآدمي الا أن يكون حفر البئر بحق كحفره في داره أو في طريق واسع ينتفع بها المسلمون فينبغي أن لا يضمن كالآدمي وان نصب شبكة قبل احرامه فوقع فيها صيد بعد احرامه لم يضمنه لأنه لم يوجد منه بعد احرامه تسبب إلى اتلافه أشبه ما لو صاده قبل احرامه وتركه في منزله فتلف بعد احرامه (مسألة) (وان نتف ريشه فعاد فلا شئ عليه وقيل عليه قيمة الريش) إذا نتف ريش طائر ثم حفظه فاطعمه وسقاه حتى عاد ريشه فلا ضمان عليه لأن النقص زال وقيل عليه قيمة الريش لأن الثاني غير الأول فإن صار غير ممتنع بنتف ريشه فهو كالجرح وقد ذكرناه وان غاب ففيه ما نقص، وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وأوجب مالك وأبو حنيفة فيه الجزاء جميعه ولنا أنه نقص يمكن زواله فلا يضمنه بكماله كما لو جرحه ولم يعلم حاله (مسألة) (وكلما قتل صيدا حكم عليه) يعني يجب الجزاء بقتل الصيد الثاني كما يجب إذا قتله ابتداء هذا ظاهر المذهب قال أبو بكر وهذا أولى القولين بأبي عبد الله، وبه قال عطاء والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر وفيه رواية ثانية أنه لا يجب الا في المرة الأولى وروي ذلك عن ابن عباس. وبه قال شريح والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة لأن الله تعالى قال (ومن عاد فينتقم الله منه) ولم يوجب جزاء وفيه رواية ثالثة ان كفر عن الأول فعليه للثاني كفارة والا فلا وقد ذكرناها ولنا أنها كفارة عن قتل فاستوى فيها المبتدي والعائد كقتل الآدمي، ولأنها بدل متلف يجب به المثل أو القيمة فأشبه بدل مال الآدمي. قال أحمد روي عن عمر وغيره أنهم حكموا في الخطأ وفيمن قتل ولم يسألوه هل كان قبل هذا قتل أو لا والآية اقتضت الجزاء على العائد بعمومها، وذكر العقوبة في الثاني لا يمنع الوجوب كما قال تعالى (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) وقد ثبت أن العائد لو انتهى كان له ما سلف وأمره إلى الله (فصل) ويجوز اخراج جزاء الصيد بعد جرحه وقبل موته. نص عليه أحمد رحمه الله لأنها كفارة قتل فجاز تقديمها على الموت ككفارة قتل الآدمي، ولأنها كفارة أشبهت كفارة الظهار واليمين
(٣٥٦)