ولنا أنه صوم واجب فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته كالقضاء ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها أشبهت القضاء وبهذا فارقت اليوم الأول وعلى قياس رمضان إذا نذر صوم شهر بعينه خرج فيه مثل ما ذكرنا في رمضان (فصل) ومعنى النية القصد وهو اعتقاد القلب فعل شئ وعزمه عليه من غير تردد فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان وانه صائم فيه فقد نوى وان شك في أنه من رمضان ولم يكن له أصل يبني عليه مثل ليلة الثلاثين من شعبان ولم يحل دون مطلع الهلال غيم ولا قتر فعزم أن يصوم غدا من رمضان لم تصح النية ولم يجزئه صيام ذلك اليوم لأن النية قصد يتبع العلم وما لا يعلمه ولا دليل على وجوده لا يصح قصده وبهذا قال حماد وربيعة ومالك وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن المنذر وقال الثوري والأوزاعي يصح إذا نواه من الليل كاليوم الثاني وعن الشافعي كالمذهبين ولنا انه لم يجزم النية بصومه من رمضان فلم يصح كما لو لم يعلم الا بعد خروجه وكذلك إن بنى على قول المنجمين وأهل الحساب فوافق الصواب لم يصح صومه وان كثرت أصابتهم لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه ولا العمل به فكان وجوده كعدمه قال النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " وفي رواية " لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه " فأما ليلة الثلاثين
(٢٦)