هديت لسنة نبيك يعني في الجمع بين الحج والعمرة لا في الاحرام من قبل الميقات، فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم الاحرام من الميقات بين ذلك بفعله وقوله، وقد تبين أنه لم يرد ذلك بانكاره على عمران بن حصين حين أحرم من مصره، وأما قول عمر وعلي رضي الله عنهما فإنما قالا اتمام العمرة أن تنشئها من بلدك، يعني أن تنشي، لها سفرا من بلدك تقصد له ليس أن تحرم بها من أهلك، قال احمد كان سفيان يفسره بهذا، وكذلك فسره به أحمد ولا يصح أن يفسر بنفس الاحرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم، وقد أمرهم سبحانه باتمام العمرة، فلو حمل قولهم على ذلك لكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تاركين الامر، ثم إن عمر وعليا ما كانا يحرمان إلا من الميقات افتراهما يريان أن ذلك ليس باتمام لها ويفعلانه؟ هذا لا ينبغي أن يتوهمه أحد، ولذلك أنكر عمر على عمران احرامه من مصره واشتد عليه وكره أن يتسامع الناس مخافة أن يؤخذ به افتراه كره اتمام العمرة واشتد عليه أن يأخذ الناس بالأفضل؟ هذا لا يجوز فتعين حمل قولهما على ما حمله عليه الأئمة (فصل) ويكره الاحرام بالحج قبل أشهره بغير خلاف علمناه لكونه احراما به قبل وقته فأشبه الاحرام به قبل ميقاته بل الكراهة هنا أشد لأن في صحته اختلافا فإن أحرم بالحج قبل ميقات المكان صح احرامه بغير خلاف علمناه الا أنه يكره ذلك وقد ذكرناه وان أحرم به قبل أشهره صح أيضا إذا بقي على احرامه إلى وقت الحج نص عليه احمد في رواية جماعة، وهو قول النخعي والثوري وأبي حنيفة ومالك وإسحاق، وقال عطاء وطاوس ومجاهد والشافعي يجعله عمرة وذكر القاضي في الشرح رواية مثل ذلك واختارها ابن حامد لقول الله تعالى (الحج أشهر معلومات) تقديره وقت الحج أو أشهر الحج من قبيل حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وإذا ثبت أنه وقته لم يصح تقديمه عليه كأوقات الصلوات ولنا قوله تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) يدل على أن جميع الأشهر ميقات (1) ولأنه أحد النسكين فجاز الاحرام به في جميع السنة كالعمرة وأحد الميقاتين فصح الاحرام قبله كميقات المكان والآية محمولة على أن الاحرام به إنما يستحب فيها (مسألة) (وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهو ميقات الزمان للحج) هذا قول ابن مسعود وابن عمر وابن الزبير وعطاء ومجاهد والحسن والشعبي والنخعي وقتادة والثوري وأصحاب الرأي وروى عن عمر وابنه وابن عباس أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، وقول مالك لأن أقل الجمع ثلاثة، وقال الشافعي آخر أشهر الحج ليلة النحر وليس
(٢٢٣)