ذلك أو جهله، فإن رجع إليه فأحرم منه فلا شئ عليه لا نعلم في ذلك خلافا، وبه قال جابر بن زيد والحسن وسعيد بن جبير والثوري والشافعي لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالاحرام منه فلم يلزمه شئ كما لو لم يتجاوزه، وإن أحرم من دون الميقات فعليه دم سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع، وبه قال مالك وابن المبارك وظاهر مذهب الشافعي أنه إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه إلا أن يكون قد تلبس بشئ من أفعال الحج كالوقوف وطواف القدوم فيستقر الدم عليه، قالوا لأنه حصل محرما في الميقات قبل التلبس بأفعال الحج فلم يلزمه دم كما لو أحرم عنه، وعن أبي حنيفة إن رجع إلى الميقات فلبي سقط عنه الدم، وإن لم يلب لم يسقط عنه، وعن عطاء والحسن والنخعي لا شئ على من ترك الميقات ولنا ما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من ترك نسكا فعليه دم " روي موقوفا ومرفوعا، ولأنه أحرم دون ميقاته واستقر عليه الدم كما لو لم يرجع أو كما لو طاف عند الشافعي، وكما لو لم يلب عند أبي حنيفة، ولان الدم وجب بتركه الاحرام من الميقات ولا يزول هذا برجوعه ولا بتلبيته لأن الأصل بقاء ما وجب وفارق ما إذا رجع قبل احرامه فأحرم منه، فإنه لم يترك الاحرام منه ولم يهتكه (فصل) ولو أفسد المحرم من دون الميقات حجه لم يسقط عنه الدم، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وقال الثوري وأصحاب الرأي يسقط لأن القضاء واجب ولنا أنه وجب عليه بموجب هذا الاحرام فلم يسقط بوجوب القضاء كبقية المناسك وكجزاء الصيد (فصل) وإن جاوز الميقات غير محرم وخشي إن رجع إلى الميقات فوات الحج جاز أن يحرم من موضعه بغير خلاف نعلمه ويجزئه الحج إلا أنه روي عن سعيد بن جبير، من ترك الميقات فلا حج له:
والأول مذهب الجمهور لأنه لو كان من أركان الحج لم يختلف باختلاف الناس والأماكن كالوقوف والطواف، وإذا أحرم من دون الميقات عند خوف الفوات فعليه دم لا نعلم فيه خلافا عند من أوجب الاحرام من الميقات لحديث ابن عباس، وإنما أبحنا له الاحرام من موضعه مراعاة لادراك الحج فإن مراعاة ذلك أولى من مراعاة واجب فيه مع فواته، ومن لم يمكنه الرجوع لعدم الرفقة أو الخوف من عدو، أو لص، أو مرض، أو لا يعرف الطريق ونحو هذا مما يمنع الرجوع فهو كالخائف الفوات في أنه يحرم من موضعه وعليه دم (مسألة) والاختيار أن لا يحرم قبل ميقاته ولا يحرم بالحج قبل أشهره فإن فعل فهو محرم)