الشهر لقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وهذا شاهد ولنا قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) وروى ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس متفق عليه، ولأنه مسافر فأبيح له الفطر كما لو سافر قبل الشهر والآية محمولة على من شهد الشهر كله وهذا لم يشهده كله (1) (الثالث) أن يسافر في أثناء يوم من رمضان وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله (مسألة) (ولا يجوز أن يصوما في رمضان عن غيره) لا يجوز للمريض ولا المسافر سفرا طويلا أن يصوم في رمضان عن نذر ولا قضاء ولا غيرهما لأن الفطر أبيح رخصة وتخفيفا، فإذا لم يرد التخفيف عن نفسه لزمه أن يأتي بالأصل، فإن نوى صوما غير رمضان لم يصح صومه عن رمضان ولا عما نواه في الصحيح من المذهب وهو قول أكثر العلماء. وقال أبو حنيفة في المسافر: يقع ما نواه إذا كان واجبا لأنه زمن أبيح له فطره فكان له صومه عن واجب عليه كغير شهر رمضان ولنا أنه أبيح له الفطر للعذر فلم يجز أن يصومه عن غير رمضان كالمريض وبهذا ينتقض ما ذكروه وينتقض أيضا بصوم التطوع، قال صالح قيل لأبي من صام شهر رمضان وهو ينوي به تطوعا يجزئه؟
فقال أو يفعل هذا مسلم؟
(فصل) ومن نوى الصوم في سفره فله الفطر واختلف قول الشافعي فيه فقال مرة لا يجوز له الفطر وقال مرة إن صح حديث الكديد لم أر به بأسا، قال مالك إن أفطر فعليه القضاء والكفارة ولنا حديث ابن عباس وهو صحيح متفق عليه، وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن ناسا صاموا فقال " أولئك العصاة " (2) رواه مسلم وهذا نص صريح لا يعرج على ما خالفه (مسألة) (وإن نوى الحاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر وعنه لا يباح) إذا سافر في أثناء يوم من رمضان فهل له فطر ذلك اليوم فيه روايتان أصحهما جواز الفطر وهو قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر (والثانية) لا يباح له فطر ذلك اليوم وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي لأن الصوم عبادة تختلف بالحضر والسفر فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة