لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين ولنا أنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به الحاكم وكونه محكوما به من شعبان ظاهر في حق غيره، وأما في الباطن فهو يعلم أنه من رمضان فلزمه صيامه كالعدل (مسألة) (وان رأى هلال شوال وحده لم يفطر) روي ذلك عن مالك والليث وقال الشافعي يحل له أن يأكل بحيث لا يراه أحد لأنه تيقنه من شوال فجاز له الاكل كما لو قامت به بينة ولنا ما روى أبو رجاء عن أبي قلابة أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صياما فاتيا عمر فذكرا ذلك له فقال لأحدهما أصائم أنت؟ قال بل مفطر قال ما حملك على هذا؟
قال لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال وقال للآخر قال إني صائم قال ما حملك على هذا؟ قال لم أكن لافطر والناس صيام فقال للذي أفطر لولا مكان هذا لأوجعت رأسك ثم نودي في الناس أن اخرجوا أخرجه سعيد عن ابن عيينة عن أيوب عن أبي رجاء وإنما أراد ضربه لافطاره برؤيته وحده ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا توعده وقالت عائشة إنما يفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما فكان اجماعا ولأنه محكوم به من رمضان أشبه اليوم الذي قبله وفارق ما إذا ثبت ببينة لأنه محكوم به من شوال بخلاف هذا. قولهم إنه يتيقن انه من شوال ممنوع فإنه يحتمل أن يكون خيل إليه ذلك فرأى شيئا أو شعرة من حاجبه ظنها هلالا ولم تكن (فصل) فإن رآه اثنان فلم يشهدا عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما ولكل واحد منهما أن يفطر بقولهما إذا عرف عدالة الآخر لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا " وان شهدا عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر لأن رد الحاكم هاهنا ليس بحكم منه وإنما هو توقف لعدم علمه فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة، ولهذا لو ثبتت عدالتهما بعد ذلك حكم بها وان لم يعرف أحدهما عدالة صاحبه لم يجز له الفطر الا أن يحكم بذلك الحاكم لأنه يكون مفطرا برؤيته وحده (مسألة) (وان اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه وان وافق قبله لم يجزه) إذا كان الأسير محبوسا أو مطمورا أو في بعض النواحي النائية عن الأمصار لا يمكنه تعرف الأشهر بالخبر فاشتبهت عليه الأشهر فإنه يتحرى ويجتهد فإذا غلب على ظنه عن امارة تقوم في نفسه