ومنهم الفاضلة المعاصرة وداد السكاكيني في (أمهات المؤمنين وبنات الرسول) (ص 193 ط دار الفكر بيروت) قال:
كان من دأب الرسول أن يتفقد فاطمة، فلا يحجبه عنها شاغل، فدخل عليها أبان دعوته لغوث أهل الصفة، فرأى على بابها سترا، وفي يديها سوارين يخفقان فغمغمت قسمات وجهه بما لاحظته فاطمة، وأشعرها بلومه وعتابه، ثم خرج صامتا متجهما على غير ما تعودت أن تلقاه، فراعها صمت أبيها وهذا الإطراق الذي غشى وجهه بالانقباض، وأدركت أنه معني بهؤلاء الفقراء المهاجرين الذين خرجوا من ديارهم جياعا، وحطوا همومهم في ذلك الظل من مسجد المدينة، فشق عليها أمرهم، ومضت لأبي رافع تخبره برجعة أبيها وجفوته، فذهب يسأل الرسول، فقال له: لا ترع فاطمة، فإنما نبوت عنها من أجل الستر والسوارين...
فلما أنبأها أبو رافع بما قال أبوها، نزعت الستر والسوارين، وأرسلتهما إلى أبيها ليتصدق بثمنهما على أهل الصفة.
وغدت فاطمة على أبيها مستحيية واجمة، مستغفرة لما أخذت فيه من زية فرحت بها، فقام لها الرسول عن مجلسه ودعا لها ولأولادها، وأكبر برها وطاعتها وإيثارها، وقد وعدها شرف الدنيا والآخرة.