بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٤٦
ومسخه وصار في الوحش في صورة أسد وهو مع ذلك يعقل ما يفعله الانسان، ثم رده الله تعالى إلى صورة الانس وأعاد إليه ملكه فلما عاد إلى ملكه أراد قتل دانيال فقتله الله على يد واحد من غلمانه، (1) وقيل في سبب قتله: إن الله أرسل عليه بعوضة فدخلت في منخره وصعدت إلى رأسه فكان لا يقر ولا يسكن حتى يدق رأسه فمات من ذلك. وبلبيس غير معروف عند المؤرخين. والتطاول هنا مبالغة في الطول بمعنى الفضل والاحسان. ودخلة الرجل مثلثة: نيته ومذهبه وجمع أمره وبطانته. قوله عليه السلام: والشاهد المحنة أي بالشاهد يمكن امتحان الغائب.
واعلم يا مفضل إن اسم هذا العالم بلسان اليونانية الجاري المعروف عندهم " قوسموس " (2) وتفسيره " الزينة " وكذلك سمته الفلاسفة ومن ادعى الحكمة أفكانوا يسمونه بهذا الاسم إلا لما رأوا فيه من التقدير والنظام؟ فلم يرضوا أن يسموه تقديرا ونظاما حتى سموه زينة ليخبروا أنه مع ما هو عليه من الصواب والاتقان على غاية الحسن والبهاء.
أعجب يا مفضل من قوم لا يقضون صناعة الطب بالخطأ وهم يرون الطبيب يخطئ، ويقضون على العالم بالاهمال ولا يرون شيئا منه مهملا. بل أعجب من أخلاق من ادعى الحكمة حتى جهلوا مواضعها في الخلق فأرسلوا ألسنتهم بالذم للخالق جل وعلا. بل العجب من المخذول " ماني " حين ادعى علم الاسرار وعمي عن دلائل الحكمة في الخلق حتى نسبه إلى الخطأ ونسب خالقه إلى الجهل تبارك الحليم الكريم. وأعجب منهم جميعا المعطلة الذين راموا أن يدرك بالحس ما لا يدرك بالعقل فلما أعوزهم (3) ذلك خرجوا إلى الجحود والتكذيب فقالوا: ولم لا يدرك بالعقل؟ قيل: لأنه فوق مرتبة العقل كما لا يدرك البصر ما هو فوق مرتبته فإنك لو رأيت حجرا يرتفع في الهواء علمت أن راميا رمى به فليس هذا العلم من قبل البصر بل من قبل العقل لان العقل هو الذي يميزه فيعلم أن الحجر لا يذهب علوا من تلقاء نفسه، أفلا ترى كيف وقف البصر

(1) سنشير إن شاء الله إلى ما في هذا النقل من الاختلاط والوهن.
(2) وفي نسخة: فرسموس.
(3) أعوزه أي أعجزه وصعب عليه نيله.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309