المستحقة، وإذا بطل العوض رجع في الهبة، وإذا بطلت الهبة يرجع في العوض. هكذا في السراج الوهاج.
الثاني: بيان ماهيته، فالتعويض المتأخر عن الهبة هبة مبتدأة بلا خلاف بين أصحابنا يصح بما تصح به الهبة، وتبطل بما تبطل به الهبة، لا يخالفها إلا في إسقاط الرجوع على معنى أنه يثبت حق الرجوع في الأولى ولا يثبت في الثانية، فأما فيما وراء ذلك فهو في حكم هبة مبتدأة، ولو وجد الموهوب له بالموهوب عيبا فاحشا لم يكن له أن يرد ويرجع في العوض، وكذلك الواهب إذا وجد بالعوض عيبا لم يكن له أن يرد العوض ويرجع في الهبة، فإذا قبض الواهب العوض فليس لكل واحد منهما أن يرجع على صاحبه فيما ملكه، سواء عوضه الموهوب له أو أجنبي بأمر الموهوب له أو بغير أمره. كذا في البدائع. ويشترط شرائط الهبة في الابتداء في العوض بعد الهبة من القبض والحيازة والافراز. كذا في خزانة المفتين. ولا يكون في معنى المعاوضة ابتداء وانتهاء، فلا يثبت للشفيع الشفعة، ولا للموهوب له الرد بالعيب. كذا في محيط السرخسي.
النوع الثاني: العوض المشروط في عقد الهبة، فإذا كانت الهبة بشرط العوض شرط لها شرائط الهبة حتى لا تصح في المشاع الذي يحتمل القسمة، ولا يثبت بها الملك قبل القبض، ولكل واحد منهما أن يمتنع من التسليم، وبعد التقابض يثبت لها حكم البيع، فلا يكون لأحدهما أن يرجع فيما كان له ويثبت بها الشفعة، ولكل واحد منهما أن يرد بالعيب ما قبض، والصدقة بشرط العوض بمنزلة الهبة بشرط العوض، وهذا استحسان، والقياس أن تكون الهبة بشرط العوض بيعا ابتداء وانتهاء. كذا في فتاوى قاضيخان.
وهب دارا من رجلين بشرط عوض ألف درهم ينقلب بيعا جائزا بعد التقابض. كذا في القنية.
ولو عوض عن جميع الهبة قليلا كان العوض أو كثيرا فإنه يمنع الرجوع ولو عوض عن بعض الهبة عن ملكه فله الرجوع فيما لم يعوض عنه، وليس له الرجوع فيما عوض. كذا في شرح الطحاوي.
إذا تصدق الموهوب له على الواهب بصدقة أو نحلة أو أعمره فقال هذا عوض هبتك جاز. كذا في الصغرى.
ويجوز تعويض الأجنبي، سواء كان بأمر الموهوب له أو بغير أمره، وليس للأجنبي المعوض أن يرجع على الموهوب له سواء عوض بأمره أو بغير أمره إلا أن يقول الموهوب له عوض فلانا عني على أني ضامن وهو كما لو قال هب لفلان عبدك هذا عني، فإن المأمور لا يرجع على الآمر إلا أن يقول له الآمر على أني ضامن. هكذا في فتاوى قاضيخان.
والأصل في جنس هذه المسائل أن كل ما يطالب به الانسان بالحبس والملازمة لا يكون الآمر بأدائه سببا للرجوع من غير اشتراط الضمان، وكل ما لا يطالب به الانسان بالحبس والملازمة لا يكون الامر بأدائه سببا إلا بشرط الضمان كذا في الظهيرية.
ولو وهب له هبة فعوضه عوضا على غير شرط فقبضه ثم استحق العوض فله أن يرجع في الهبة إن كانت قائمة في ملك الموهوب له ولم تزدد ولم يحدث فيها ما يمنع الرجوع فيها. كذا في السراج