قال شيخنا: يوضحه أنه إذا تضاربا وكان الظاهر أحدهما فإنه يطلق عليه مدع مع أنه إذا ترك لا يترك فاحتاج إلى إخراجه بقوله من المتنازعين قولا. ا ه. أبو السعود.
والحاصل: أن طالب الحق يسمى مدعيا والطالب إذا ترك لا يتعرض له، والمطلوب هو المدعى عليه لا يتأتى منه الترك حتى يسلم ما عليه. قوله: (من إذا ترك ترك أي لا يجبر عليها لان حق الطلب له، فإذا تركه لا سبيل عليه. عيني.
أقول: وهذا أحسن ما قيل فيه. وقال محمد في الأصل: قيل المدعى عليه هو المنكر والآخر المدعي.
قال الزيلعي: وهذا صحيح غير أن التمييز بينهما يحتاج إلى فقه وحدة ذكاء، إذ العبرة للمعاني دون الصور والمباني، ولأن الكلام قد يوجد من الشخص في صورة الدعوى، وهو إنكار معنى كالمودع إذا ادعى أداء الوديعة أو هلاكها فإنه مدع صورة ومنكر لوجوب الضمان معنى، ولهذا يحلفه القاضي إذا ادعى رد الوديعة أو لهلاكها أنه لا يلزمه رده ولا ضمان، ولا يحلفه أنه رده لان اليمين أبدا تكون على النفي كما في الشرنبلالية. قوله: (والمدعى عليه بخلافه) أي ملتبس بمخالفته، وهو من إذا ترك لا يترك بل يجبر على الخصومة إذا تركها وهذا فرق صحيح. حموي.
قال القهستاني: فلا يشكل بوصي اليتيم فإنه مدعى عليه معنى فيما إذا أجبره القاضي على الخصومة لليتيم، وإنما عرفها بذلك وعدل عما يقتضي التعريف إشارة إلى اختلاف المشايخ فيهما.
وقيل المدعي من يخبر بحق له على غيره، والمدعى عليه من يخبر بأن لا حق لغيره عليه. وقيل المدعي من يلتمس خلاف الظاهر، والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر. ا ه. وقيل المدعي من لا يستحق إلا بحجة كالخارج والمدعى عليه من يستحق بقوله بلا حجة كذي اليد.
قلت: وهذا تعريف بالحكم فيه دور. وأصح ما ذكر فيه الذي مشى عليه المصنف. قوله: (فلو في البلدة قاضيان كل في محلة) أي بخصوصها وليس قضاؤه عاما، وأشار به إلى أن الجبر في أصل الدعوى لا فيمن يدعي بين يديه والتفريع لا يظهر، وفي بعض النسخ بالواو بدل الفاء. قوله:
(فالخيار للمدعى عليه عند محمد به يفتى. بزازية) ليس ما ذكره عبارة البزازية. وعبارتها كما في المنح:
قاضيان في مصر طلب كل واحد منهما أن يذهب إلى قاض فالخيار للمدعى عليه عند محمد، وعليه الفتوى. ا ه.
وفي المنح قبل هذا عن الخانية قال: ولو كان في البلدة قاضيان كل واحد منهما في محلة على حدة فوقعت الخصومة بين رجلين أحدهما من محلة والآخر من محلة أخرى والمدعي يريد أن يخاصمه إلى قاضي محلته والآخر يأبى ذلك، اختلف فيها أبو يوسف ومحمد، والصحيح أن العبرة لمكان المدعى عليه، وكذا لو كان أحدهما من أهل العسكر والآخر من أهل البلدة ا ه. وعلله في المحيط كما في البحر بأن أبا يوسف يقول إن المدعي منشئ للخصومة فيعتبر قاضيه، ومحمد يقول: إن المدعى عليه دافع لها ا ه.
وبيان التعليل كما قال الرملي إن عند أبي يوسف رحمه الله تعالى المدعي إذا ترك فهو منشئ، فيتخير إن شاء أنشأ الخصومة عند قاضي محلته، وإن شاء أنشأها عند قاضي محلة خصمه، وأن محمدا