الحادثة المتنازع فيها أم لا؟ فإن كان مانعا ظهر نتيجة، وإذا لم يكن مانعا فأي فائدة فيه، ولم أر من صرح بذلك ا ه.
أقول: فائدته فيما يظهر عدم سماع ذلك القاضي منه دعوى التعرض قبل وجود الحجة معه.
واعلم أن النزاع والتعرض متقاربان، لكن إن أريد بالتعرض أن يكون بغير حق بل مجرد أذية وأريد بالنزاع أن يكون بمستند يتوهم وجوده فالفرق ظاهر. قوله: (بخلاف دعوى قطع النزاع) أي بينه وبين غيره، حقيقته أن يأتي بشخص للقاضي ويقول هذا يدعي علي دعوى، فإن كان له شئ فليبينه، وإلا يشهد على نفسه بالابراء، وهذا غير صحيح. وهذه الدعوى غير مسموعة لان المدعي من إذا ترك ترك.
قال في البحر: سئل قارئ الهداية عن الدعوى بقطع النزاع بينه وبين غيره. فأجاب: لا يجبر المدعي على الدعوى لان الحق له. ا ه. والذي رأيته في عبارة قارئ الهداية: سئل إذا ادعى شخص على آخر أنه يقطع النزاع بينه وبينه: إن كان له عليه حق أو مطالبة يدعي به ويطالبه، وإن كان ليس له عليه حق يشهد عليه أنه لا يستحق عليه شيئا من الحقوق والدعاوى والطلبات، فهل تسمع هذه الدعوى من المدعي أم لا؟ أجاب لا يجب عليه أن يدعي عليه لان الحق له، إن شاء طلبه وإن شاء تركه ا ه. وهي التي عناها الشارح بقوله سراجية أي فتوى سراج الدين قارئ الهداية، وهذا بخلاف دعوى دفع التعرض كما علمت، لان ذلك يقول هذه الأرض في يدي وهذه البينة تشهد لي بها وهذا يدعي أنها له وفي يده ولا بينة له على دعواه فأريد أن لا يتعرض لي لأني أثبت أني ذو يد دونه. قوله: (وهذا الخ) يعني لما عرفنا أن الدعوى قول مقبول يقصد به طلب حق، فإن أردنا بالحق الامر الوجودي كأن يقول هذا المال لي أريد أن يسلمه إلي بقي من أنواع الدعوى دعوى دفع التعرض فيزاد أو دفعه عنه حق نفسه، وإن أراد بالحق أعم من الوجودي وهو ما تقدم ومن العدمي وهو أن يقول هذا لا حق له في مالي لأني أثبت أني ذو يد وأطلق أن لا يتعرض لي بغير حق وعدم تعرض حق لكنه عدمي فيستغني عن هذه الزيادة وهو قوله أو دفعه. قوله: (الامر الوجودي) فلا يشمل العدمي كالدفع فيحتاج إلى زيادته لادخاله في تعريف الدعوى، والمراد بالعدمي ما يشمل الاعتبار، فإن الدفع ليس عدميا لان المراد به كفه عن المنازعة ط. قوله: (لهذا القيد) أي فيستغني في التعريف عن هذا القيد وهو قوله أو دفعه فإنه فصل قصد به الادخال والفصل بعد الجنس قيد، فافهم. والأوضح أن يقول لم يحتج إلى زيادة أو دفعه.
قوله: (والمدعي الخ) اسم فاعل من ادعى يدعي أصله متدعي لان ثلاثية دعاء فنقل إلى باب الافتعال فصار اتدعى وقلبت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال فصار ادعى، وكذلك في باب التصرفات من المضارع والامر والمصدر، وإنما أبدلت التاء دالا ولم يعكس لأنها من المهموسة والدال من المهجورة، فالأقوى لا يتحول إلى الضعيف. تتمة: لما كان قوله والمدعي الخ للأغلب من المتنازعين فعلا احترز عنه في الدرر بقوله من المتنازعين قولا، ولما كان هذا متناولا للمتنازعين في المباحث احترز عنه بقوله في الحق: أي حق العبد.
ا ه.