فيها من عمل المضارب، ولا يمكنه العمل مع عدم التخلية وهي العلة في المسألة الثانية والثالثة، وهذه المسألة كالتعليل لما قبلها فكان الأولى تقديمها وتفريع الأولى عليها. قوله: (بخلاف مكاتب شرط عمل مولاه) أي إذا دفع المكاتب مال مضاربة لآخر وشرط عمل مولاه فيها فإنه لا يفسد مطلقا، سواء كان عليه دين أو لا، لأنه لا يملك إكتابه لأنه يعامل معاملة الأحرار فيما في يده، فإن عجز قبل العمل ولا دين عليه فسدت كما في البحر وكان الأنسب ذكره بعد مسألة المأذون. قوله: (كما لو ضارب مولاه) فإنه يصح لما قلنا. قوله: (أو في الرقاب) أي فكها من أسر الرق وفساد الشرط في الثلاثة لعدم اشتراط العمل كما سيظهر. قوله: (أو لامرأة المضارب أو مكاتبه الخ) لكن عدم صحة الشرط في هذين إذا لم يشترط عملهما كما سيشير إليه بقوله ومتى شرط لأجنبي الخ، ومر عن النهاية أن المرأة والولد كالأجنبي هنا.
وفي التبيين: ولو شرط بعض الربح لمكاتب رب المال أو المضارب إن شرط عمله جاز وكان المشروط لأنه صار مضاربا، وإلا فلا، لان هذا ليس بمضاربة، وإنما المشروط هبة موعودة فلا يلزم، وعلى هذا غيره من الأجانب إن شرط له بعض الربح وشرط عمله عليه صح، وإلا فلا. قوله:
(ولم يصح الشرط) وما في السراجية من الجواز فيما إذا شرط ثلث الربح لامرأة المضارب أو مكاتبه أو للمساكين أو في الرقاب أو الحج محمول على جواز عقد لا الشرط، ويكون ذلك لرب المال، فلا يخالف ما هنا ولا يحتاج إلى ما وجهه العلامة أبو السعود من أن المسألة خلافية، لأنه لم يقف على هذا التوفيق هو ولا شيخه فجعل المسألة ذات خلاف، ومحل عدم الشرط في امرأة المضارب ومكاتبه إذا لم يشترط عملهما. قوله: (ويكون المشروط لرب المال) لأنه لما بطل الشرط كان الربح تبعا لاصله وهو رأس المال وهو لرب المال، فكذا ربحه. قوله: (لا يصح) حيث لم يشرط عمله فوافق ما بعده. قوله:
(إن شرط عليه عمله صح) أي الاشتراط كالعقد. قوله: (وإلا لا) أي إن شرط البعض للأجنبي ولم يشترط عمله لا يصح الاشتراط ويكون لرب المال، أما العقد فصحيح.
واستفيد من هذا الشرط أنه لا يشترط المساواة بين المضاربين في المال الواحد، لأنه أطلق البعض فشمل ما إذا كان مثل ما شرط للمضارب أو أقل أو أكثر، لان أحدهما قد يكون أهدى للعمل أو فيه مرجح آخر كما في الشركة.
والحاصل: أن ما شرط لثالث إن كان يرجع إلى المضارب جاز ويكون للمضارب كاشتراطه لعبده غير المديون وإلا فهو لرب المال. والفرق أن شرط الربح لعبده كالشرط له فيصح له. بخلاف الشرط لزوجته ونحوها لأنه لا يثبت الملك له لان الزوجة والولد كالأجنبي هنا كما قدمناه، وفهم هذا من قول القهستاني، وفيه إشارة إلى أنه إن شرط شئ لعبد المضارب أو لأجنبي ليعمل مع المضارب