الخيار فيضمن أيهما شاء كما في الاختيار. قوله: (فإن عمل حتى ضمنه) حتى للتفريع، فإن الضمان مرتب بالعمل فقط وضمن بالبناء للمجهول فإن الضمان مرتبط بالعمل فقط. قوله: (خير رب المال) قال في التبيين: ثم رب المال بالخيار، إن شاء ضمن الأول رأس ماله لأنه صار غاصبا بالدفع إلى غيره بغير إذنه، وإن شاء ضمن الثاني لأنه قبض مال الغير بغير إذن صاحبه، فإن ضمن الأول صحت المضاربة بين الأول والثاني والربح بينهما على ما شرطا لأنه بأداء الضمان ملكه من وقت خالف، فصار كما لو دفع مال نفسه مضاربة إلى الثاني، وإن ضمن الثاني يرجع بما ضمن على الأول لأنه التزم له سلامة المقبوض له عن الضمان، فإذا لم يسلم رجع عليه بالمخالفة إذ هو مغرور من جهته كمودع الغاصب وصحت المضاربة بينهما، لأنه لما كان قرار الضمان عليه ملك المدفوع مستندا إلى وقت التعدي، فتبين أنه دفع مضاربة ملك نفسه ويكون الربح بينهما على ما شرطا لصحة المضاربة ويطيب للثاني ما ربح لأنه يستحقه بالعمل ولا خبث في عمله، ولا يطيب للأول لأنه يستحقه برأس المال وملكه فيه ثبت مستندا فلا يخلو عن شبهة فيكون سبيله التصدق ا ه. لان الثابت بالاستناد ثابت من وجه دون وجه فلا يثبت الملك من كل وجه فيتمكن الخبث في الربح فلا يطيب ا ه. إتقاني.
وفي البحر: ولو دفع الثاني مضاربة إلى ثالث وربح الثالث أو وضع فإن قال الأول للثاني اعمل فيه برأيك فلرب المال أن يضمن: أي الثلاثة شاء، ويرجع الثالث على الثاني والثاني على الأول، والأول لا يرجع على أحد إذا ضمنه رب المال، وإلا لا ضمان على الأول وضمن الثاني والثالث. كذا في المحيط، قوله وإلا لا ضمان على الأول: أي إن لم يقل الأول للثاني اعمل فيه برأيك. قوله:
(وإن شاء ضمن الثاني) فيه إشعار بأنه إذا ضمن يرجع على الأول ويطيب الربح له دون الأول لأنه ملكه مستندا. قهستاني. قوله: (ليس له ذلك) لان المال بالعمل صار غصبا وليس للمالك إلا تضمين البدل عند ذهاب العين المغصوبة، وليس له أن يأخذ الربح من الغاصب. كذا ظهر لي ط. قوله: (فإن أذن) مفهوم قوله بلا إذن. قوله: (عملا بشرطه) لأنه شرط نصف جميع الربح له. قوله: (الباقي) أي الفاصل عما اشترطه للثاني، لان ما أوجبه الأول له ينصرف إلى نصيبه خاصة، إذ ليس له أن يوجب شيئا لغيره من نصيب المالك، وحيث أوجب للثاني الثلث من نصيبه وهو النصف يبقى له السدس.
قال في البحر: وطلب الربح للجميع لان عمل الثاني عمل عن المضارب كالأجير المشترك إذا استأجر آخر بأقل مما استؤجر. قوله: (وللثاني الثلث المشروط) لان الدفع الثاني صحيح لأنه بأمر المالك وقد شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله وجعل الأول للثاني ثلثه فينصرف ذلك إلى نصيبه إلى آخر ما تقدم، وكان المناسب أن يقول من كل المال عوضا عن قوله الباقي. قوله: (والباقي بين الأول والمالك نصفان) لان رب المال هنا شرط أن يكون ما رزق الله المضارب الأول بينهما نصفين والمرزوق للأول