وجه ظاهر الرواية: أن الربح إنما يحصل بالعمل فيقام سبب حصول الربح مقام حقيقة حصوله في صيرورة المال مضمونا به، وهذا إذا كانت المضاربة الثانية صحيحة، فإذا كانت فاسدة لا يضمن الأول وإن عمل الثاني لأنه أجير فيه والأجير لا يستحق شيئا من الربح فلا تثبت الشركة له، بل له أجر مثله على المضارب الأول وللأول ما شرط له من الربح ا ه. منح. قوله: (فإذا عمل تبين أنه مضاربة فيضمن) لأنه حصل العمل في المال على وجه لم يرض به المالك فتحقق الخلاف فوجب الضمان، فجعل الامر مراعي: أي موقوفا قبل العمل حتى إذا عمل الثاني وجب الضمان، وإلا فلا ط.
فإن قلت: إنه بالعمل مستبضع ولا تظهر المخالفة إلا بظهور الربح، يجاب بأنه لم يعمل مجانا حتى يكون مستبضعا بل عمل على طمع الاجر وهو ما شرط له من الربح فتحصل المخالفة بمجرد العمل فيوجد سبب الضمان. قوله: (إلا إذا كانت الثانية فاسدة) قال في البحر: وإن كانت إحداهما فاسدة أو كلاهما فلا ضمان على واحد منهما، وللعامل أجر المثل على المضارب الأول ويرجع به الأول على رب المال، والوضيعة على رب المال والربح بين الأول ورب المال على الشرط بعد أخذ الثاني أجرته إذا كانت المضاربة الأولى صحيحة فللأول أجر مثله ا ه: أي لأنه حينئذ يكون الثاني أجيرا والمضارب له أن يستأجر.
قال في التبيين: هذا إذا كانت المضاربتان صحيحتين. وأما إذا كانت إحداهما فاسدة أو كلتاهما فلا ضمان على واحد منهما، لأنه إن كان الثانية هي الفاسدة صار الثاني أجيرا، وللأول أن يستأجر من يعمل في المال، وإن كانت هي الأولى فكذلك، لان فسادها يوجب فساد الثانية، لان الأولى لما فسدت صارت إجارة وصار الربح كله لرب المال، ولو صحت الثانية في هذه الحالة لصار الثاني شريكا، وليس للأجير أن يشارك غيره فكانت فاسدة بالضرورة وكانا أجيرين، وكذا إذا كانتا فاسدتين، وإذا كانا أجيرين لا يضمن واحد منهما. ا ه. بتصرف ما.
والحاصل: أن صحة الثانية فرع عن صحة الأولى، فلا تصح الثانية إلا إذا كانت الأولى صحيحة، فاشتراط صحة الثانية اشتراط لصحة الأولى. قوله: (على المضارب الأول) ويرجع به الأولى على رب المال. قوله: (وللأول الربح المشروط) يعني والربح بين الأول ورب المال على الشرط بعد أخذ الثاني أجرته إذا كانت المضاربة الأولى صحيحة، وإلا فللأول أجر مثله أيضا وربح كله لرب المال كما ذكرنا. قوله: (ولو استهلكه الثاني) قال الاتقاني: والحاصل أنه لا ضمان على واحد منهما قبل عمل الثاني في ظاهر الرواية عند علمائنا الثلاثة، وإذا عمل الثاني في المال إن عمل عملا لم يدخل تحت المضاربة بأن وهب المضارب الثاني المال من رجل أو استهلكه فالضمان على الثاني دون الأول، وإن عمل عملا دخل تحت المضاربة بأن اشترى بالمال شيئا: فإن ربح فعليهما الضمان، وإن لم يربح فلا ضمان على واحد منهما في ظاهر الرواية ا ه. وفيه تأمل ط. قوله: (فالضمان عليه خاصة) والأشهر