متناول للدين والعين، وكذا لا ملك لي في هذا العين. وفي المبسوط: ويدخل في لا حق لي قبل فلان كل عين أو دين، وكل كفالة أو إجارة أو جناية أو حد. ثم قال شيخنا: وقوله لا حق لي ونحوه ليس من الابراء بل إقرار. ثم نقل عن الفواكه البدرية ما نصه: أبرأ مطلقا أو أقر أنه لا يستحق عليه شيئا ثم ظهر أن المقر له كان مشغول الذمة بتركة أبي المقر ولم يعلم المقر بذلك ولا بموت أبيه إلا بعد الاقرار أو الابراء عمل الابراء والاقرار عمله ولا يعذر المقر كما قدمناه.
أقول إنما لم يفرق بين الانشاء والاخبار لأنه الصحيح وظاهر الرواية وفيه قطع النزاع، وقد تعورف من القضاة العمل عليه، وقوله ليس من الابراء يرده قوله البزازية: اتفقت الروايات على أن المدعي لو قال لا دعوى لي أو لا خصومة لي قبل فلان يصح ولا تسمع دعواه إلا في حق حادث بعد الابراء. ا ه. وسيأتي تمامه قريبا إن شاء الله تعالى. قوله: (كما أفاده ابن الشحنة) لعله في غير هذا المحل، فإنه لم يذكره هنا عند ذكر هذه المسألة ط. قوله: (واعتمده الشرنبلالي) أي في حاشية الدرر وشرح الوهبانية: وعبارته في الشرح بعد نقل ما قدمنا عن المنتقى عازيا لقاضيخان.
فإن قلت: إن إقرار الولد لم يتضمن إبراء شخص معين، وكذا إقرار الوارث بقبضه جميع ما على الناس ليس فيه إبراء فتقبل دعواه، ولو تنزلنا للبراءة فهي غير صحيحة في الأعيان، فإن الابراء عن الأعيان لا يصح، بخلاف البراءة عن دعواه. ويعلم بهذا أن لا نقض على قول أئمتنا النكرة في سياق النفي تعم. وإيراد صاحب عقد الفرائض أن هذه المسألة انقضاء عليها لظنه أنه من قبيل الابراء وليس كذلك، فلا احتياج لما تكلفه الشارح أيضا من الجواب. وقد قال: إنه ظهر له أن الوجه عدم صحة البراءة وهو كذلك، وهذا ملخصه. ا ه. وللشرنبلالي رسالة سماها (تنقيح الاحكام في الاقرار والابراء الخاص والعام) أجاب فيها بأن البراءة العامة بين الوارثين مانعة من دعوى شئ سابق عليها عينا كان أو دينا بميراث أو غيره، وحقق ذلك بأن البراءة إما عامة كلا حق أو لا دعوى أو لا خصومة لي قبل فلان أو هو برئ من حقي أو لا دعوى لي عليه أو لا تعلق لي عليه أو لا أستحق عليه شيئا أو أبرأته من حقي أو مما لي قبله، وإما خاصة بدين خاص كأبرأته من دين كذا أو عام كأبرأته مما لي عليه فيبرأ عن كل دين دون العين، وإما خاصة بعين فتصح لنفي الضمان لا الدعوى فيدعي بها على المخاطب وغيره، وإن كان عن دعواها فهو صحيح كما علمت.
ثم إن الابراء لشخص مجهول لا يصح، وإن لمعلوم صح ولو بمجهول، فقوله قبضت تركة مورثي كلها أو كل من لي عليه شئ أو دين فهو برئ ليس إبراء عاما ولا خاصا، بل هو إقرار مجرد لا يمنع من الدعوى، لما في المحيط قال: لا دين لي على أحد ثم ادعى على رجل دينا صح لاحتمال وجوبه بعد الاقرار ا ه.
أقول: لكن فيه أن هذا الاحتمال يصدق في الدعاوي كلها أو أكثرها بعد الابراء العام مع أنها لا تسمع. والصواب التعليل بعدم صحة الابراء للمجهول. تأمل. وفيه أيضا: وقوله هو برئ مما لي عنده إخبار عن ثبوت البراءة لا إنشاء.
وفي الخلاصة: لا حق لي قبله، فيدخل فيه كل عين ودين وكفالة وإجارة وجناية وحد ا ه.
وفي الأصل: فلا يدعي إرثا ولا كفالة نفس أو مال ولا دينا أو مضاربة أو شركة أو وديعة أو ميراثا أو